responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 271
لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالرَّفْعِ دُونَ أَصْلِ التَّأْذِينِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ أَذَانِ الْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِنْ سَافَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ حَقُّ الْوَقْتِ وَلَوْ لَمْ يَرْجُ حُضُورَ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ ; لِأَنَّهُ إِنْ فَاتَهُ دُعَاءُ الْمُصَلِّينَ لَمْ تَفُتْهُ شَهَادَةُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِاسْتِدْعَاءِ الْجَمَاعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَنْ يَرْجُو جَمَاعَةً فَيُسْتَحَبُّ وَمَنْ لَا فَلَا.
(فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ، أَيْ: غَايَةَ (صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: غَايَةَ الصَّوْتِ يَكُونُ لِلْمُصْغِي أَخْفَى مِنِ ابْتِدَائِهِ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ وَوَصَلَ إِلَيْهِ مُنْتَهَى صَوْتِهِ، فَلِأَنْ يَشْهَدَ لَهُ مَنْ دَنَا مِنْهُ وَسَمِعَ مَبَادِي صَوْتِهِ أَوْلَى (جِنٌّ) ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يُرِيدَ مُؤْمِنِي الْجِنِّ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَشْهَدُونَ لِلْمُؤَذِّنِ بَلْ يَفِرُّونَ وَيَنْفِرُونَ مِنَ الْأَذَانِ.
(وَلَا إِنْسٌ) قِيلَ خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ فَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ عِيَاضٌ: وَهَذَا لَا يُسَلِّمُ لِقَائِلِهِ لِمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ مِنْ خِلَافِهِ.
(وَلَا شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنُ خُزَيْمَةِ «لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ» ، وَلَهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» "، وَنَحْوَهُ لِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَنِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَدَى الشَّيْءِ غَايَتُهُ أَيْ أَنَّهُ يَسْتَكْمِلُ الْمَغْفِرَةَ إِذَا اسْتَوْفَى وُسْعَهُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فَيَبْلُغُ الْغَايَةَ مِنَ الْمَغْفِرَةِ إِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ مِنَ الصَّوْتِ أَوْ أَنَّهُ كَلَامُ تَمْثِيلٍ وَتَشْبِيهٍ يُرِيدُ أَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الصَّوْتُ لَوْ قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَقْصَاهُ وَبَيْنَ مَقَامِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ذُنُوبٌ تَمْلَأُ تِلْكَ الْمَسَافَةَ غَفَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ، وَاسْتَشْهَدَ الْمُنْذِرِيُّ لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ بِرِوَايَةِ: «يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ» بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ بِقَدْرِ مَدِّ صَوْتِهِ، قَالَ الْحَافِظُ: فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَلَا شَيْءٌ "، وَتَكَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ، فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ الْمَلَائِكَةُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الْجِنِّ لِأَنَّهُمْ يَسْتَخْفُونَ عَنِ الْأَبْصَارِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ كُلُّ مَا يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ مِنَ الْحَيَوَانِ حَتَّى مَا لَا يَعْقِلُ ; لِأَنَّهُ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يَسْمَعَ صَوْتَهُ دُونَ الْجَمَادَاتِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا.
قَالَ ابْنُ بَزِيزَةَ: تَقَرَّرَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ السَّمَاعَ وَالشَّهَادَةَ وَالتَّسْبِيحَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ حَيٍّ، فَهَلْ ذَلِكَ حِكَايَةٌ عَلَى لِسَانِ الْحَالِ، لِأَنَّ الْمَوْجُودَاتِ نَاطِقَةٌ بِلِسَانِ حَالِهَا بِجَلَالِ بَارِئِهَا، أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ؟ وَلَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ فِيهَا الْحَيَاةَ وَالْكَلَامَ، وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ النَّارِ: أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا.
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا: " «إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ» "، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا " وَلَا شَيْءٌ " نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] (سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: الْآيَةُ 44) وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الْآيَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَمَا عَرَفْتُ وَجْهَ هَذَا التَّعَقُّبِ فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الِاحْتِمَالِ وَنَقْلِ الِاخْتِلَافِ إِلَّا

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست