responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 275
وَلِلْبُخَارِيِّ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَتَّى لَا يَدْرِيَ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حِكْمَةِ هُرُوبِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ دُونَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فِي الصَّلَاةِ فَقِيلَ حَتَّى لَا يَشْهَدَ لِلْمُؤَذِّنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقِيلَ: نُفُورًا عَنْ سَمَاعِ الْأَذَانِ ثُمَّ يَرْجِعُ مُوَسْوِسًا لِيُفْسِدَ عَلَى الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ، فَصَارَ مِنْ جِنْسِ فِرَارِهِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الِاسْتِخْفَافُ.
وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَذَانَ دُعَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى السُّجُودِ الَّذِي أَبَاهُ وَعَصَى بِسَبَبِهِ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ يَعُودُ قَبْلَ السُّجُودِ، فَلَوْ كَانَ هُرُوبُهُ لِأَجْلِهِ لَمْ يَعُدْ إِلَّا عِنْدَ فَرَاغِهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَهْرُبُ عِنْدَ سَمَاعِ الدُّعَاءِ لِذَلِكَ لِيُغَالِطَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ أَمْرًا ثُمَّ يَرْجِعُ لِيُفْسِدَ عَلَى الْمُصَلِّي سُجُودَهُ الَّذِي أَبَاهُ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا يَهْرُبُ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى الْإِعْلَانِ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ وَإِقَامَةِ الشَّرِيعَةِ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ حَاصِلٌ قَبْلَ الْأَذَانِ وَبَعْدَهُ مِنْ جَمِيعِ مَنْ يُصَلِّي.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِعْلَانَ أَخَصُّ مِنَ الِاتِّفَاقِ، فَإِنَّ الْإِعْلَانَ الْمُخْتَصَّ بِالْأَذَانِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنَ الْجَهْرِ بِالتَّكْبِيرِ وَالشَّهَادَةِ مَثَلًا، وَلِذَا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: " «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا» " أَيِ اقْعُدْ بِالْمَدِّ وَالْإِطَالَةِ وَالْإِسْمَاعِ لِيَعُمَّ الصَّوْتُ وَيَطُولَ أَمَدُ التَّأْذِينِ فَيَكْثُرُ الْجَمْعَ وَيَفُوتُ عَلَى الشَّيْطَانِ مَقْصُودُهُ مِنْ إِلْهَاءِ الْآدَمِيِّ عَنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ إِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا أَوْ وَقْتِ فَضِيلَتِهَا، فَيَفِرُّ حِينَئِذٍ وَقَدْ يَئِسَ أَنْ يَرُدَّهُمْ عَمَّا أَعْلَنُوا بِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ لِمَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَذَى إِلَى الْوَسْوَسَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: عَلَى الْأَذَانِ هَيْئَةٌ يَشْتَدُّ انْزِعَاجُ الشَّيْطَانِ بِسَبَبِهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَقَعُ فِي الْأَذَانِ رِيَاءٌ وَلَا غَفْلَةٌ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَحْضُرُهُ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ النَّفْسَ تَحْضُرُ فِيهَا فَيَفْتَحُ لَهَا الشَّيْطَانُ أَبْوَابَ الْوَسْوَسَةِ، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ: " الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُؤَذِّنَ فِي أَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْوَسْوَسَةُ وَالرِّيَاءُ لِتَبَاعُدِ الشَّيْطَانِ مِنْهُ "، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَذَانَ إِعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ بِأَلْفَاظٍ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ الذَّكَرِ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا بَلْ تَقَعُ عَلَى وَفْقِ الْأَمْرِ فَيَفِرُّ مِنْ سَمَاعِهَا، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِمَا يَقَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ فِيهَا مِنَ التَّفْرِيطِ تَمَكَّنَ الْخَبِيثُ مِنَ الْمُفَرِّطِ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ وَفِي جَمِيعِ مَا أُمِرَ بِهِ فِيهَا لَمْ يَقْرَبْهُ فِيهَا إِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَهُوَ نَادِرٌ، وَكَذَا إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَهُوَ أَنْدَرُ، أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الزَّجْرُ عَنِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى لِئَلَّا يَكُونَ مُتَشَبِّهًا بِالشَّيْطَانِ الَّذِي يَفِرُّ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ، وَفَهِمَ بَعْضُ السَّلَفِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْإِتْيَانَ بِصُورَةِ الْأَذَانِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ الْأَذَانِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَفِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى بَنِي حَارِثَةَ وَمَعِي غُلَامٌ لَنَا أَوْ صَاحِبٌ لَنَا فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ فَأَشْرَفَ الَّذِي مَعِي عَلَى الْحَائِطِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي، فَقَالَ: لَوْ شَعَرْتُ أَنَّكَ تَلْقَى

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست