responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 362
أَعْلَامٌ فَالْمُرَادُ الْجِنْسُ (فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ) أَيْ صَلَّى وَهُوَ لَابِسٌ لَهَا.
(فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ) لِعَائِشَةَ ( «رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا» ) وَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: «صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهُ أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فِي الصَّلَاةِ» (فَكَادَ يَفْتِنُنِي) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ أَيْ يَشْغَلُنِي عَنْ خُشُوعِ الصَّلَاةِ، وَفِيهِ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَمْ تَقَعْ فَإِنَّ كَادَ تَقْتَضِي الْقُرْبَ وَتَمْنَعُ الْوُقُوعَ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا يَخْطَفُ الْبَرْقُ بَصَرَ أَحَدٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البقرة: 20] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةَ 20) وَلِذَا أَوَّلُوا قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ: " «فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي عَنْ صَلَاتِي» " بِأَنَّ الْمَعْنَى قَارَبَتْ أَنْ تُلْهِيَنِي فَإِطْلَاقُ الْإِلْهَاءِ مُبَالَغَةٌ فِي الْقُرْبِ لَا لِتَحَقُّقِ وُقُوعِ الْإِلْهَاءِ، وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ قَبُولُ الْهَدَايَا، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُهَا وَيَأْكُلُهَا، وَالْهَدِيَّةُ مُسْتَحَبَّةٌ مَا لَمْ يَسْلُكْ بِهَا طَرِيقَ الرِّشْوَةِ لِدَفْعِ حَقٍّ أَوْ تَحْقِيقِ بَاطِلٍ أَوْ أَخْذٍ عَلَى حَقٍّ يَجِبُ الْقِيَامُ بِهِ، وَأَنَّ الْوَاهِبَ إِذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ عَطِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِعُ فِيهَا فَلَهُ قَبُولُهَا بِلَا كَرَاهَةٍ، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَشْغَلُ الْمَرْءَ فِي صَلَاتِهِ وَلِمَ يَمْنَعْهُ مِنْ إِقَامَةِ فَرَائِضِهَا وَأَرْكَانِهَا لَا يُفْسِدُهَا وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتَهَا وَمُبَادَرَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مَصَالِحِ الصَّلَاةِ وَنَفْيِ مَا لَعَلَّهُ يَحْدُثُ فِيهَا، وَأَمَّا بَعْثُهُ بِالْخَمِيصَةِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَلْبَسَهَا فِي الصَّلَاةِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ حَيْثُ بَعَثَ بِهَا إِلَى عُمَرَ: " «إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا» " وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ: كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ لِلصُّوَرِ وَالْأَشْيَاءِ الظَّاهِرَةِ تَأْثِيرًا فِي الْقُلُوبِ الطَّاهِرَةِ وَالنُّفُوسِ الزَّكِيَّةِ يَعْنِي فَضْلًا عَمَّنْ دُونَهَا.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّمَا رَدَّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ كَرِهَهَا وَلَمْ يَكُنْ يَبْعَثُ إِلَى غَيْرِهِ مَا كَرِهَهُ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ «قَالَ لِعَائِشَةَ: لَا تَتَصَدَّقِي بِمَا لَا تَأْكُلِينَ» ، وَكَانَ أَقْوَى الْخَلْقِ عَلَى دَفْعِ الْوَسْوَسَةِ، لَكِنْ لَمَّا أَعْلَمَ أَبُو جَهْمٍ بِمَا نَابَهُ فِيهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْبَسُهَا فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الشَّغْلَ بِهَا عَنِ الْخُشُوعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعْلَمَهُ بِمَا نَابَهُ لِتَطِيبَ نَفْسُهُ وَيَذْهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ مِنْ رَدِّ هَدِيَّتِهِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: أَوْ لِيَقْتَدِيَ بِهِ فِي تَرْكِ لِبْسِهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ اهـ.
وَاسْتَنْبَطَ الْإِمَامُ مِنَ الْحَدِيثِ كَرَاهَةَ النَّظَرِ إِلَى كُلِّ مَا يَشْغَلُ عَنِ الصَّلَاةِ مِنْ صَبْغٍ وَعَلَمٍ وَنُقُوشٍ وَنَحْوِهَا لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ: النَّظَرُ إِلَى مَا يَشْغَلُكَ عَنْهَا فَعَمَّ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِخَمِيصَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْبَاجِيُّ صِحَّةَ الْمُعَاطَاةِ لِعَدَمِ ذِكْرِ الصِّيغَةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهُ أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي» ".

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 362
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست