responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 576
فِيهِ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْأَرْكَانِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَسْبُوقَ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِتَمَامِهَا بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ (إِنِّي لَأَرَاكُمْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بَدَلٌ مِنْ جَوَابِ الْقَسَمِ وَهُوَ مَا يَخْفَى أَوْ بَيَانٌ لَهُ ( «مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» ) رُؤْيَةٌ حَقِيقِيَّةٌ اخْتَصَّ بِهَا عَلَيْكُمْ وَهُوَ تَنْبِيهٌ لَهُمْ عَلَى الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ لَمَّا رَآهُمْ يَلْتَفِتُونَ وَهُوَ مُنَافٍ لِكَمَالِ الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا لَا وَاجِبًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ.
وَحَكَى النَّوَوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي الزُّهْدِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: لَا يُكْتَبُ لِلرَّجُلِ مِنْ صَلَاتِهِ مَا سَهَا عَنْهُ.
وَفِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ، ثُمَّ الْخُشُوعُ تَارَةً يَكُونُ مِنْ فِعْلِ الْقَلْبِ كَالْخَشْيَةِ وَتَارَةً مِنْ فِعْلِ الْبَدَنِ كَالسُّكُونِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِهِمَا، حَكَاهُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مَعْنًى يَقُومُ بِالنَّفْسِ يَظْهَرُ عَنْهُ سُكُونٌ فِي الْأَطْرَافِ يُلَائِمُ مَقْصُودَ الْعِبَادَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ حَدِيثُ عَلِيٍّ: " «الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ» " أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ: " «لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا خَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» " فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ، قَالَ الْحَافِظُ: اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الرُّؤْيَةِ فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا الْعِلْمُ إِمَّا بِأَنْ يُوحَى إِلَيْهِ كَيْفِيَّةَ فِعْلِهِمْ وَإِمَّا بِأَنْ يُلْهَمَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ الْعِلْمُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَوْلِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّهُ يَرَى مِنْ عَنْ يَمِينِهِ وَمِنْ عَنْ يَسَارِهِ مِمَّنْ تُدْرِكُهُ عَيْنُهُ مَعَ الْتِفَاتٍ يَسِيرٍ نَادِرٍ أَوْ يُوصَفُ مَنْ هُنَاكَ بِأَنَّهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ التَّكَلُّفِ وَفِيهِ عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ بِلَا دَلِيلٍ، وَالصَّوَابُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ هَذَا الْإِبْصَارَ إِدْرَاكٌ حَقِيقِيٌّ خَاصٌّ بِهِ انْخَرَقَتْ لَهُ فِيهِ الْعَادَةُ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الْبُخَارِيُّ فَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَكَذَا نُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ ذَلِكَ الْإِدْرَاكُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِرُؤْيَةِ عَيْنٍ انْخَرَقَتْ لَهُ الْعَادَةُ فِيهِ فَكَانَ يَرَى مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ لِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا عَقْلًا عُضْوٌ مَخْصُوصٌ وَلَا مُقَابَلَةٌ وَلَا قُرْبٌ، وَإِنَّمَا تِلْكَ أُمُورٌ عَادِيَّةٌ يَجُوزُ حُصُولُ الْإِدْرَاكِ مَعَ عَدَمِهَا عَقْلًا، وَلِذَلِكَ حَكَمُوا بِجَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ خِلَافًا لِأَهْلِ الْبِدَعِ لِوُقُوفِهِمْ مَعَ الْعَادَةِ، وَقِيلَ: كَانَتْ لَهُ عَيْنٌ خَلْفَ ظَهْرِهِ يَرَى بِهَا مَنْ وَرَاءَهُ دَائِمًا، وَقِيلَ: كَانَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَيْنَانِ مِثْلَ سَمِّ الْخِيَاطِ يُبْصِرُ بِهِمَا لَا يَحْجُبُهُمَا ثَوْبٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَتْ صُوَرُهُمْ تَنْطَبِعُ فِي حَائِطِ قِبْلَتِهِ كَمَا تَنْطَبِعُ فِي الْمِرْآةِ فَتَرَى أَمْثِلَتَهُمْ فِيهَا فَيُشَاهِدُ أَفْعَالَهُمْ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاقِعًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَحَكَى بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبْصِرُ فِي الظُّلْمَةِ كَمَا يُبْصِرُ فِي الضَّوْءِ انْتَهَى.
وَتُعُقِّبَ تَخْصِيصُهُ بِالصَّلَاةِ بِأَنَّ جَمْعًا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ صَرَّحَ بِالْعُمُومِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ كَانَ يُبْصِرُ مَنْ خَلْفَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: دَفَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ هَذَا قَالُوا: كَيْفَ يُقْبَلُ مَعَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَيُّكُمُ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ» " فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا، فَقَالَ: " زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ " وَسَمِعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 576
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست