responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 609
وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِنَوْمِ اللَّيْلِ، وَلَا يَبْعُدُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَوْمِ النَّهَارِ كَالنَّوْمِ حَالَةَ الْإِبْرَادِ مَثَلًا، لَا سِيَّمَا عَلَى تَفْسِيرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَقِيلَ مَعْنَى " يَضْرِبُ ": يَحْجُبُ الْحِسَّ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى لَا يَسْتَيْقِظَ وَمِنْهُ: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} [الكهف: 11] (سُورَةُ الْكَهْفِ: الْآيَةُ 11) أَيْ: حَجَبْنَا الْحِسَّ أَنْ يَلِجَ فِي آذَانِهِمْ فَيَنْتَبِهُوا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " «مَا أَحَدٌ يَنَامُ إِلَّا ضُرِبَ عَلَى صِمَاخِهِ بِجَرِيرٍ مَعْقُودٍ» " أَخْرَجَهُ الْمُخْلِصُ فِي فَوَائِدِهِ، وَسِمَاخٌ: بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ بِالصَّادِّ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ، وَلِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «مَا أَصْبَحَ رَجُلٌ عَلَى غَيْرِ وُتْرٍ إِلَّا أَصْبَحَ عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ قَدْرُ سَبْعِينَ ذِرَاعًا» " وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا يَعْقِدُ السَّاحِرُ مَنْ يَسْحَرُهُ، وَأَكْثَرُ مَنْ يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ تَأْخُذُ إِحْدَاهُنَّ الْخَيْطَ فَتَعْقِدُ مِنْهُ عُقْدَةً وَتَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ بِالسِّحْرِ فَيَتَأَثَّرُ الْمَسْحُورُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4] (سُورَةُ الْفَلَقِ: الْآيَةُ 4) وَعَلَى هَذَا فَالْمَعْقُودُ شَيْءٌ عِنْدَ قَافِيَةِ الرَّأْسِ لَا قَافِيَةُ الرَّأْسِ نَفْسُهَا، وَهَلِ الْعَقْدُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ فِي غَيْرِهِ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي إِذْ لَيْسَ لِكُلِّ أَحَدٍ شَعْرٌ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «عَلَى قَافِيَةِ أَحَدِكُمْ حَبْلٌ فِيهِ ثَلَاثُ عُقَدٍ» "، وَلِأَحْمَدَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظٍ: " «إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ عُقِدَ عَلَى رَأْسِهِ بِجَرِيرٍ» "، وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: " «مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى إِلَّا عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ حِينَ يَرْقُدُ» " الْحَدِيثَ، وَجَرِيرٌ - بِفَتْحِ الْجِيمِ - هُوَ الْحَبْلُ، وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ لَهُ، وَيَرُدُّهُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا تَحِلُّ بِالصَّلَاةِ فَيَلْزَمُ إِعَادَةُ عَقْدِهَا فَأَبْهَمَ فَاعِلَهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَفَسَّرَهُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ، أَوْ هُوَ مَجَازٌ شَبَّهَ فِعْلَ الشَّيْطَانِ بِالنَّائِمِ بِفِعْلِ السَّاحِرِ بِالْمَسْحُورِ، فَلَمَّا كَانَ السَّاحِرُ يَمْنَعُ بِعَقْدِهِ ذَلِكَ فَصَرَفَ مَنْ يُحَاوِلُ عَقْدَهُ كَانَ هَذَا مِثْلَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ النَّائِمِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ عَقْدُ الْقَلْبِ وَتَصْمِيمِهِ عَلَى الشَّيْءِ كَأَنَّهُ يُوَسْوِسُ لَهُ بِأَنَّهُ بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ قِطْعَةٌ طَوِيلَةٌ فَيَتَأَخَّرُ عَنِ الْقِيَامِ، وَانْحِلَالُ الْعُقَدِ كِنَايَةٌ عَنْ عِلْمِهِ بِكَذِبِهِ فِيمَا وَسْوَسَ بِهِ، أَوِ الْعُقَدُ كِنَايَةٌ عَنْ تَثْبِيطِ الشَّيْطَانِ لِلنَّائِمِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْهُ: عَقَدْتُ فُلَانًا عَنِ امْرَأَتِهِ؛ أَيْ: مَنَعْتُهُ عَنْهَا، أَوْ عَنْ تَثْقِيلِهِ عَلَيْهِ النَّوْمَ كَأَنَّهُ قَدْ شَدَّ عَلَيْهِ شَدًّا، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْعُقَدِ الثَّلَاثِ: الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَكْثَرَهُمَا كَثُرَ نَوْمُهُ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ عِنْدَ النَّوْمِ فَهِيَ غَيْرُهُ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: حِكْمَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الثَّلَاثِ أَنَّ أَغْلَبَ مَا يَكُونُ الِانْتِبَاهُ فِي السَّحَرِ، فَإِنْ رَجَعَ إِلَى النَّوْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَنْقَضِ الثَّالِثَةَ إِلَّا وَقَدْ ذَهَبَ اللَّيْلُ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِأَنَّهُ يُرِيدُ قَطْعَهُ عَنْ ثَلَاثٍ: الذِّكْرِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ، وَكَأَنَّهُ مَنَعَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ عَقَدَهَا عَلَى رَأْسِهِ: وَكَانَ تَخْصِيصُ الْقَفَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْوَهَمِ وَمَجَالُ تَصَرُّفِهِ، وَهُوَ أَطْوَعُ الْقُوَى لِلشَّيْطَانِ وَأَسْرَعُهَا إِجَابَةً لِدَعْوَتِهِ.
(فَإِنِ اسْتَيْقَظَ) مِنْ نَوْمِهِ (فَذَكَرَ اللَّهَ) بِكُلِّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 609
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست