responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 611
أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَجْمَعِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ دَخَلَ تَحْتَ مَنْ يُصْبِحُ خَبِيثًا كَسْلَانَ وَإِنْ أَتَى بِبَعْضِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالْقُوَّةِ وَالْخِفَّةِ، فَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ مَثَلًا أَخَفَّ مِمَّنْ لَمْ يَذْكُرْ أَصْلًا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ الْمُخْلِصِ: " «فَإِنْ قَامَ فَصَلَّى حُلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهُنَّ وَإِنِ اسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا كَهَيْئَتِهَا» ".
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا الذَّمُّ يَخْتَصُّ بِمَنْ لَمْ يَقُمْ إِلَى صَلَاتِهِ وَضَيَّعَهَا، أَمَّا مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ أَوِ النَّافِلَةِ بِاللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ، وَنَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كَمَا مَرَّ، قَالَ: وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُعَارِضُ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي» " وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَرَدَ، عَنْ إِضَافَةِ الْمَرْءِ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ كَرَاهَةَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَقَعَ ذَمًّا لِفِعْلِهِ، وَلِكُلٍّ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ وَجْهٌ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: لَيْسَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ اخْتِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ إِضَافَةِ ذَلِكَ إِلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْخُبْثَ بِمَعْنَى فَسَادِ الدِّينِ، وَوَصْفُ بَعْضِ الْأَفْعَالِ بِذَلِكَ تَحْذِيرًا مِنْهُ وَتَنْفِيرًا، قَالَ الْحَافِظُ: وَتَقْدِيرُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ إِضَافَةِ ذَلِكَ إِلَى النَّفْسِ، وَكُلَّمَا نَهَى الْمُؤْمِنَ أَنْ يُضِيفَهُ إِلَى نَفْسِهِ نَهَى أَنْ يُضِيفَهُ إِلَى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ، وَقَدْ وَصَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْمُؤْمِنَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَيَلْزَمُ جَوَازُ وَصْفِنَا لَهُ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ التَّأَسِّي.
وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَامِلٌ عَلَى الْوَصْفِ بِذَلِكَ كَالتَّنْفِيرِ وَالتَّحْذِيرِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «قَارِئَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ لَا يَقْرَبُهُ شَيْطَانٌ» ؛ لِأَنَّ الْحَلَّ إِنْ حُمِلَ عَلَى الْأَمْرِ الْمَعْنَوِيِّ وَالْقُرْبَ عَلَى الْأَمْرِ الْحِسِّيِّ أَوْ عَكْسِهِ فَلَا إِشْكَالَ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ سِحْرِهِ إِيَّاهُ مَثَلًا أَنْ يُمَاسَّهُ، كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ مُمَاسَّتِهِ أَنْ يَقْرَبَهُ بِسَرِقَةٍ أَوْ أَذًى فِي جَسَدِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ حُمِلَا عَلَى الْمَعْنَوِيَّيْنِ أَوِ الْحِسِّيَّيْنِ فَيُجَابُ بِادِّعَاءِ الْخُصُوصِ فِي عُمُومِ أَحَدِهِمَا، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمَخْصُوصَ حَدِيثُ الْبَابِ كَمَا خَصَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الْقِيَامَ، فَيَخُصُّ أَيْضًا بِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ لِطَرْدِ الشَّيْطَانِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 611
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست