responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 639
الْيَاءِ بَعْدَ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِذًا بِاللَّهِ) قَالَ ابْنُ السَّيِّدِ: مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي يَجِيءُ عَلَى مِثَالِ فَاعِلٍ، كَقَوْلِهِمْ: عُوفِيَ عَافِيَةً، أَوْ عَلَى الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ النَّائِبَةِ مَنَابَ الْمَصْدَرِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفٌ كَأَنَّهُ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ عَائِذًا وَلَمْ يَذْكُرِ الْفِعْلَ؛ لِأَنَّ الْحَالَ نَائِبَةٌ عَنْهُ، وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ؛ أَيْ: أَنَا عَائِذٌ بِاللَّهِ (مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: " «فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ: نَعَمْ إِنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ حَقٌّ، قَالَتْ: فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» " وَفِي مُسْلِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: " «دَخَلَتْ عَلَيَّ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ تَقُولُ: هَلْ شَعَرْتِ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ؟ فَارْتَاعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: إِنَّمَا يُفْتَنُ يَهُودُ، فَلَبِثْنَا لَيَالِي، ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ، فَسَمِعْتُهُ يَسْتَعِيذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» "، وَبَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ تَخَالُفٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ أَنْكَرَ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ، وَفِي الْأُولَى أَقَرَّهَا، وَجَمَعَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُمَا قِصَّتَانِ أَنْكَرَ قَوْلَ الْيَهُودِيَّةِ أَوَّلًا ثُمَّ أُعْلِمُ بِهِ وَلَمْ تَعْلَمْ عَائِشَةُ، فَجَاءَتِ الْيَهُودِيَّةُ مَرَّةً أُخْرَى فَذَكَرَتْ لَهَا ذَلِكَ، فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهَا مُسْتَنِدَةً إِلَى الْإِنْكَارِ الْأَوَّلِ، فَأَعْلَمَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْوَحْيَ نَزَلَ بِإِثْبَاتِهِ.
وَقَوْلُ الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَوَّذُ سِرًّا، فَلَمَّا رَأَى اسْتِغْرَابَ عَائِشَةَ حِينَ سَمِعَتْهُ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ أَعْلَنَ بِهِ، كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ عَنْ عُرْوَةَ الْمُوَافِقَةِ لِرِوَايَةِ عَمْرَةَ هَذِهِ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِذَلِكَ.
وَأَصْرَحُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ: " «أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تُحَدِّثُهَا فَلَا تَصْنَعُ عَائِشَةُ إِلَيْهَا شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ إِلَّا قَالَتِ الْيَهُودِيَّةُ: وَقَاكِ اللَّهُ عَذَابَ الْقَبْرِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِلْقَبْرِ عَذَابٌ؟ قَالَ: " كَذَبَتْ يَهُودُ، لَا عَذَابَ إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَإِنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ حَقٌّ» " فَفِي هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ إِنَّمَا عَلِمَ بِعَذَابِهِ بِالْمَدِينَةِ فِي آخِرِ الْأَمْرِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَاسْتَشْكَلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27] (سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: الْآيَةُ 27) ، وَبِقَوْلِهِ: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46] (سُورَةُ غَافِرٍ: الْآيَةُ 46) فَإِنَّهُمَا مَكِّيَّتَانِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ الْأُولَى بِالْمَفْهُومِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْإِيمَانِ، وَبِالْمَنْطُوقِ فِي الثَّانِيَةِ فِي حَقِّ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَنِ الْتَحَقَ بِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ لَهُ حُكْمُهُمْ، فَالَّذِي أَنْكَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا هُوَ وُقُوعُ الْعَذَابِ عَلَى الْمُوَحِّدِينَ، ثُمَّ أُعْلِمُ بِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَقَعُ عَلَى مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُ، فَجَزَمَ بِهِ وَحَذَّرَ مِنْهُ، وَبَالَغَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ تَعْلِيمًا لِأُمَّتِهِ وَإِرْشَادًا، فَانْتَفَى التَّعَارُضُ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَفِيهِ أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ الْأُمَّةِ بِخِلَافِ السُّؤَالِ فَفِيهِ خِلَافٌ.
(ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ غَدَاةٍ) مِنْ إِضَافَةِ الْمُسَمَّى إِلَى اسْمِهِ أَوْ " ذَاتَ " زَائِدَةٌ (مَرْكَبًا) بِفَتْحِ الْكَافِ بِسَبَبِ مَوْتِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 639
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست