قَوْله ثمَّ افاض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الى الْبَيْت فِيهِ مَحْذُوف تَقْدِيره فَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ طواف الافاضة ثمَّ صلى الظّهْر فَحذف ذكر الطّواف لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الحَدِيث انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظّهْر بِمَكَّة وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن بن عمر انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظّهْر يَوْم النَّحْر بمنى قَالَ بن الْهمام وَلَا شكّ ان أحد الْخَبَرَيْنِ وهم إِذا تَعَارضا وَلَا بُد من صَلَاة الظّهْر فِي أحد المكانين وَكَونهَا فِي مَكَّة بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام لثُبُوت مضاعفة الْفَرَائِض فِيهِ أولى انْتهى قَالَ الْقَارِي وَالْحمل على انه أعَاد الظّهْر بمنى مقتديا على مَذْهَبنَا واماما على مَذْهَب الشَّافِعِي وَأمر اصحابه بِالظّهْرِ حَيْثُ انتظروه أولى من الْحمل على
الْوَهم كَمَا لَا يخفى على انه روى انه كَانَ يزور الْبَيْت فِي كل يَوْم من أَيَّام النَّحْر فليحمل على يَوْم آخر انْتهى
قَوْله فَأتى بني عبد الْمطلب أَي اتاهم بعد فرغه من طواف الافاضة وهم يسقون على زَمْزَم مَعْنَاهُ يغرقون بالدلاء ويصبونه فِي الْحِيَاض وَنَحْوهَا ويسيلونه للنَّاس وَقَوله لَوْلَا ان يغلبكم الخ أَي لَوْلَا خوفي ان يعْتَقد النَّاس ذَلِك من مَنَاسِك الْحَج ويزدحمون عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُونَكُمْ ويدفعونكم عَن الاستقاء لاستقيت مَعكُمْ لِكَثْرَة فَضِيلَة هَذَا الاستقاء وَفِيه فَضِيلَة الْعَمَل فِي هَذَا الاستقاء واستحباب شرب مَاء زَمْزَم وَأما زَمْزَم فَهِيَ البير الْمَشْهُورَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بَينهَا وَبَين الْكَعْبَة ثَمَان وَثَلَاثُونَ ذِرَاعا قيل سميت زَمْزَم لِكَثْرَة مَائِهَا يُقَال مَاء زَمْزَم وزمزوم وزمازم إِذا كَانَ كثيرا وَقيل لضم هَاجر رض لمائها حِين انفجرت وزمها إِيَّاه وَقيل لزمزمة جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَلَامه عِنْد فجره إِيَّاهَا وَقيل انها غير مُشْتَقَّة وَلها أَسمَاء أخر (نووي)
قَوْله من كسر أَو عرج الخ قَالَ فِي النِّهَايَة يُقَال عرج عرجانا إِذا غمز من شَيْء اصابه وعرج عرجا إِذا صَار اعرج أَو كَانَ خلقَة أَي من احصره مرض أَو عَدو فَعَلَيهِ ان يبْعَث بِهَدي ويواعد الْحَامِل يَوْمًا بِعَيْنِه يذبحها فِيهِ فيتحلل بعده انْتهى وَبِه قَالَت الْحَنَفِيَّة ان من احصر بعدو أَو مرض يبْعَث الْهَدْي ويتحلل وَيجب عَلَيْهِ الْقَضَاء وَلَا تصغ الى قَول مُحي السّنة فِي المصابيح انه ضَعِيف لِأَنَّهُ قَالَ التوربشتي الحكم بِضعْف هَذَا الحَدِيث بَاطِل (فَخر)
قَوْله بَاب فديَة الْمحصر والاذى الْفِدْيَة مُضَاف الى الْمحصر والى الْأَذَى أَيْضا وَالْمرَاد من الْأَذَى مَا يتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَان من الْقمل وَالْمَرَض وَغير ذَلِك وَحَدِيث كَعْب بن عجْرَة كَانَ قبل ثُبُوت الْإِحْصَار لعدم الْعلم بِهِ كَانَ الْمَعْنى ان الْمحرم إِذا وجد الْأَذَى مَعَ عدم الْعلم بالإحصار مَاذَا يفعل واما بعد الْعلم بالإحصار فَعَلَيهِ حل الْإِحْرَام وَعَلِيهِ الْعمرَة وَالْحج من قَابل فَلَا يَسْتَقِيم معنى فديَة الْمحصر وَالله أعلم إنْجَاح الْحَاجة
[3079]
قَوْله ففدية من صِيَام الخ معنى الحَدِيث ان من احْتَاجَ الى حلق الرَّأْس لضَرَر من قمل أَو مرض أَو نَحْوهمَا فَلهُ حلقه فِي الْإِحْرَام وَعَلِيهِ الْفِدْيَة قَالَ الله تَعَالَى فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك وَبَين النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ان الصّيام ثَلَاثَة أَيَّام وَالصَّدَََقَة ثَلَاثَة اصع لسِتَّة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع والنسك شَاة وَهِي شَاة تجزى فِي الاضحية ثمَّ ان الْآيَة الْكَرِيمَة وَالْأَحَادِيث متفقة على انه مُخَيّر بَين هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة وَهَكَذَا الحكم عِنْد الْعلمَاء انه مُخَيّر بَين الثَّلَاثَة وَأما قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي رِوَايَة لمُسلم هَل عنْدك نسك قَالَ مَا اقدر عَلَيْهِ فَأمره ان يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام فَلَيْسَ المُرَاد بَان الصَّوْم لَا يجزى الا لعادم الْهدى بل هُوَ مَحْمُول على أَنه سَأَلَ عَن النّسك فَإِن وجده أخبرهُ بِأَنَّهُ مُخَيّر بَينه وَبَين الصَّوْم والاطعام وان عَدمه فَهُوَ مُخَيّر بَين الصّيام والاطعام نووي
نام کتاب : شرح سنن ابن ماجه للسيوطي وغيره نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 1 صفحه : 222