قال: "باب قول الله -تعالى-: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [1] ، {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [2] ، و {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [3] ، و {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} [4] ، و {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} [5] .
قال يحيي: الظاهر على كل شيء علماً، والباطن على كل شيء علماً".
أراد البخاري -رحمه الله- بيان ثبوت علم الله -تعالى- وعلمه -تعالى- من لوازم نفسه المقدسة، وبراهين علمه -تعالى- ظاهرة مشاهدة في خلقه، وشرعه، ومعلوم عند كل عاقل أن الخلق يستلزم الإرادة، ولابد للإرادة من العلم بالمراد، كما قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [6] .
والخالق هو: المبدع بتقدير سابق الوجود في الخارج، وهذا يتضمن تقدير المخلوقات في العلم قبل إيجادها في الخارج، وهو أيضاً يستلزم الإرادة والمشيئة، والإرادة مستلزمة تصور المراد والعلم به.
ووصف نفسه - تعالى- في هذه الآية بأنه (لطيف) يدرك الدقيق، (خبير) يدرك الخفي.
والأدلة على وصف الله بالعلم كثيرة، ولا ينكرها إلا ضال أو معاند مكابر.
وفي هذه الآيات التي ذكرها البخاري مدح الله- سبحانه وتعالى- فيها نفسه [1] الآية 26 من سورة الجن. [2] الآية 34 من سورة لقمان. [3] الآية 166 من سورة النساء. [4] الآية 11 من سورة فاطر، والآية 47 من سورة فصلت. [5] الآية 47 من سورة فصلت. [6] الآية 14 من سورة الملك.