والفلاح وغير ذلك، وعالماً بمن يؤمن به ويقبله، ويسعد بذلك، ومن يكفر به ويرده ويشقى بذلك.
أو المعنى: أنزله فيه علمه الذي أراد أن يطلع عليه من يشاء من عباه، من الإيمان به، ومعرفته –تعالى- بأسمائه وصفاته، وما رتب على ذلك من الجزاء في الدنيا والآخرة، ومعرفة حقه، وأمره ونهيه، والآية تدل على كلا المعنيين.
وقال ابن الجوزي: "فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنزله وفيه علمه، قال الزجاج.
الثاني: أنزله من علمه، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
الثالث: أنزله إليك بعلم منه أنك خيرته من خلقه، قال ابن جرير" [1] .
وقال الخازن: "يعني أنه –تعالى- لما قال: لكن الله يشهد بما أنزل إليك، بين صفة ذلك الإنزال، وهو أنه –تعالى- أنزله بعلم تام، وحكمة بالغة.
وقيل: معناه: أنزله وهو عالم بأنك أهل لإنزاله عليك، وأنك مبلغه إلى عباده" [2] .
وقال ابن كثير: {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه، من البينات والهدى والفرقان، وما يحبه ويرضاه، وما يكرهه ويأباه، وما فيه من العلم بالغيوب، من الماضي والمستقبل، وما فيه من ذكر صفاته تعالى المقدسة التي لا يعلمها نبي مرسل، ولا ملك مقرب، إلا أن يعلمه الله به، كما قال –تعالى-: {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} [3] ، وقال –تعالى-: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [4][5] .
(1) "زاد المسير" (2/257) ، وانظر "تفسير الطبري" (6/31) .
(2) "تفسير الخازن" (1/625) . [3] الآية 255 من سورة البقرة. [4] الآية 110 من سورة طه.
(5) "تفسير ابن كثير" (2/428) .