وفي"الصحيحين" عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب، يحلف بأبيه، فقال: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً بالله أو ليصمت" [1] .
وبهذا يتبين أن الحلف بقدرة الله وعزته وسائر صفاته، أنه كالحلف به-تعالى-، وأن صفاته ليست مخلوقة؛ لأنه لا يجوز الحلف بالمخلوق، ولا منفصلة عنه-تعالى-.
وبهذا يظهر مراد البخاري -رحمه الله- بهذا الباب وهو إثبات الصفات لله -تعالى-، والرد على من أنكرها كالمعتزلة، ومن تابعهم، وقد تقدم الكلام في ذلك.
قال الحافظ: "والذي يظهر أن مراد البخاري بالترجمة: إثبات العزة لله، راداً على من قال: إنه عزيز بلا عزة، كما قالوا: العليم بلا علم" [2] .
قلت: لا يقصد إثبات العزة بخصوصها، بل مع سائر الصفات كما هو ظاهر.
قوله: "وقال أنس: عن النبي -صلى الله عليه وسلم -: "تقول جهنم: قط قط وعزتك".
وقال أبو هريرة: عن النبي -صلى الله عليه وسلم -: يبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة، فيقول: رب أصرف وجهي عن النار، لا أسألك غيرها".
قال أبو سعيد: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "قال الله -عز وجل-: "لك ذلك وعشرة أمثاله".
وقال أيوب: "وعزتك، لا غنى بي عن بركتك".
هذه المعلقات قد رواها موصولة، فحديث أنس سيذكره في هذا الباب [1] انظر: "البخاري مع الفتح" (11/530) ، و"مسلم" (4/1239) .
(2) "الفتح" (13/370) .