قوله: "وتقول: قد قد" بفتح القاف، وسكون الدال، وفي رواية: "قط قط" وهو اسم فعل، ومعناه: حسبي وكفاني ما ألقي في، فلا متسع لغيرهم، أي قد امتلئت.
قوله: "بعزتك وكرمك" هذا محل الشاهد من الحديث لما ترجم به، وهو قسم من النار بعزة الله وكرمه، أنها قد امتلأت، وأصبحت ليس فيها متسع، وقد تقرر عند المسلمين أن القسم بغير الله لا يجوز.
قوله: "لا يزال يلقى فيها، وتقول" هذا القول من جهنم حقيقة، فالله-تعالى- ينطقها بكلام مسموع منها، كما ينطق-جل وعلا- الجوارح وغيرها، والله على كل شيء قدير، وأمور الآخرة أعظمها على خلاف ما يعرفه الناس في الدنيا، والقسم بأسماء الله وصفاته قسم به-تعالى-والمقصود أن الله تعالى متصف بالصفات، فأراد أن يبين ذلك بما ثبت منها في كتاب الله-تعالى- ومنها العزة، وبالأحاديث التي تبين ذلك وتوضحه، وقد تقدم البحث فيها في الباب الأول.
قال الحافظ: "يؤخذ منه مشروعية الحلف بكرم الله، كما شرع الحلف بعزة الله" [1] .
قوله: "ولا تزال الجنة تفضل، حتى ينشئ الله لها خلقاً، فيسكنهم فضل الجنة".
أي أن أهل الجنة الذين يدخلونها ينتهون، وفيها فضل مساكن لم يصبها أحد؛ لعظم سعتها، قال الله-تعالى-: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [2] ، وقال-تعالى-: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [3] .
(1) "الفتح" (13/371) . [2] الآية 133 من سورة آل عمران. [3] الآية 21 من سورة الحديد.