"وإليك أنبت" أي: رجعت إليك طائعاً منقاداً، مذعناً، خاضعاً لك في جميع أموري.
"وإليك حاكمت" أي: كل من أبى قبول الحق، أو جحده، حاكمته إليك وجعلتك الحكم بيني وبينه مجانباً بذلك حكم كل طاغوت، من قانون وضعي، أو كاهن أو غيره، مما يتحاكم إليه البشر، من الأوضاع الباطلة شرعاً.
وقدم صلات هذه الأفعال كلها لإرادة التخصيص والحصر، أي: أخصك - يا رب- وحدك فيما ذكر، ولا أعدو ذلك بحال من الأحوال.
في هذا الحديث قدم الثناء على الله -تعالى- بأن له الحمد، وبما ذكر من صفاته، ثم توس إليه، -تعالى- بإيمانه بأن قوله حق، ووعده حق، إلى آخر ما ذكر، وأنه مذعن لأمره، منقاد لطاعته، وأنه معتمد عليه، وبه يخاصم وإليه يحاكم، ثم بعد ذلك سأل حاجته، وهي أن يغفر له ما قدم من خطأ، أو تقصير، وما أخر، وما أسر، وما أعلن.
ثم ختم ذلك بأنه لا مفزع، ولا ملجأ له، غير ربه -تعالى- فهو إلهه الذي يعبده بما ذكر، ويخاف عقابه - ويؤمل فضله ونواله، فقال: " أنت إلهي لا إله لي غيرك" فلا أتوجه إلى سواك، إذ كل مألوه غيرك باطل ودعوته ضلال ووبال، وهذا هو التوحيد الذي جاءت به رسل الله، وفرضه -تعالى- على عباده.
قوله: " فاغفر لي ما قدمت، وما أخرت، وأسررت، وأعلنت".
أصل الغفر: الستر مع الوقاية، ومنه المغفر؛ لأنه يستر الرأس ويقيه من السلاح.
"ما قدمت" أي: قبل وقتي هذا.
"وما أخرت" أي: بعد وقتي هذا.
أي: اغفر لي ما عملت من الذنوب،