"فعند أهل السنة أن الله على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا، وأما المحال لذاته مثل كون الشيء الواحد موجوداً معدوماً، فهذا لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده، ولا يسمى شيئاً باتفاق العقلاء، ومن هذا الباب خلق مثل نفسه، وأمثال ذلك" [1] .
قال: " باب مقلب القلوب" وقول الله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [2] .
قال الراغب: " تقليب الشيء: تغييره من حال إلى حال، والتقليب: التصرف، وتقليب الله القلوب والبصائر: صرفها من رأي إلى رأي " [3] .
قال ابن عباس: " لما جحد المشركون ما أنزل الله، لم تثبت قلوبهم على شيء، وردت عن كل أمر " [4] .
وقال مجاهد: "ونحول بينهم وبين الإيمان، ولو جاءتهم كل آية، فلا يؤمنون، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة" [5] .
قال الحافظ: " المراد بتقليب القلوب: تقليب أعراضها، وأحوالها، لا تقليب ذات القلب" [6] .
أخبر -تعالى- أنه يعاقب من لا يقبل الحق، أو يرده أول ما يبلغه بتقليب القلب، وتركه يعمه في ضلاله وغيه، كما في هذه الآية المذكورة في الباب، وكما في قوله -تعالى-: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [7] ، وفي هذا بيان أن الله -تعالى- إذا منع فضله الإنسان، بالهداية، أنه يكون منحرفاً ضالاً. [1] المصدر السابق (1/213) . [2] الآية 110 من سورة الأنعام.
(3) "المفردات" (ص411) . [4] رواه الطبري، انظر: " التفسير" (12/43، 41) . [5] المصدر نفسه (12/44) .
(6) "الفتح" (11/527) . [7] الآية 5 من سورة الصف.