33-قال: " حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لما خلق الله الخلق، كتب في كتابه - وهو يكتب على نفسه، وهو وضع عنده على العرش - إن رحمتي تغلب غضبي".
قوله: " لما خلق الخلق " يجوز أن يكون المراد تقدير ذلك وكتابته قبل وجوده وظهوره، ويجوز أن يكون المراد جنس الخلق، فيكون المراد وجوده مخلوقاً.
قوله: "كتب في كتابه" يجوز أن يكون المعنى: أمر القلم أن يكتب، كما قال الحافظ. ويجوز أن يكون على ظاهره بأن كتب -تعالى- بدون واسطة، ويجوز أن يكون قال: " كن" فكانت الكتابة، ولا محذور في ذلك كله، وقد ثبت في "سنن الترمذي " و"ابن ماجه" في هذا الحديث: " إن الله - عز وجل - لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه إن رحمتي تغلب غضبي" [1] .
ولا يصح أن يراد بالكتابة: الحكم الذي قضاه، نظير قوله -تعالى-: {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} ؛ لقوله: " فهو عنده فوق العرش".
وكتابته -تعالى- ذلك؛ لتأكيد هذا الحكم، وإخبار عباده به؛ حتى يؤمنوا به ويعملوا على مقتضاه، أو لحكمة الله أعلم بها، وليس خوفاً من النسيان -تعالى الله -.
قوله: "وهو يكتب على نفسه " جملة حالية يقصد بها بيان أن كتابته [1] انظر: " سنن الترمذي" (5/210) ، و "ابن ماجه" (2/1435) الحديث رقم (4295) .