قال: "باب قول الله -تعالى-: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [1] .
أراد البخاري بهذا الباب؟ إثبات صفة الوجه لله -تعالى- وهو ثابت لله -تعالى- في آيات وأحاديث كثيرة، سيأتي ذكر شيء منها.
قال ابن كثير: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} إخبار بأنه الدائم الباقي، الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولا يموت، كما قال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ {26} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} فعبر بالوجه عن الذات، وهكذا قوله ها هنا: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} أي: إلا إياه" [2] .
قلت: قوله: " فعبر بالوجه عن الذات" لا يقصد نفي صفة الوجه عن الله -تعالى-، وإنما مراده: أن الذات تابعة للوجه، فاكتفى بذلك.
وقد ذكر البخاري - رحمه الله - هذه الآية في التفسير، وأعقبها بقوله: " إلا ملكه، ويقال: إلا: ما أريد به وجهه" [3] . ولم يذكر غير هذا، فقد يقال: إن هذا تأويل سلك البخاري فيه طريق أهل التأويل، وليس الأمر كذلك.
قال الحافظ: " في رواية النسفي [4] : وقال معمر ... فذكره، ومعمر هذا هو أبو عبيدة {معمر} بن المثنى، وهذا كلامه في مجاز القرآن، لكنه بلفظ: [1] الآية 88 من سورة القصص.
(2) "تفسير ابن كثير " (6/272) . [3] انظر: " الفتح " (8/505) . [4] النسفي من رواة الصحيح عن البخاري.