"وقال شهاب الدين السهروردي في كتاب العقيدة له: أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله، الاستواء، والنزول، والنفس، واليد، والعين، فلا يتصرف فيها بتشبيه، ولا تعطيل، إذ لولا إخبار الله ورسوله، ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى".
" قال الطيبي: هذا هو المذهب المعتمد، وبه يقول السلف الصالح ".
وقال غيره: لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أحد من أصحابه، من طريق صحيح، التصريح بوجوب تأويل شيء من ذلك، ولا المنع من ذكره.
ومن المحال أن يأمر الله نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربه، وينزل عليه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} ثم يترك هذا
الباب، فلا يميز ما يجوز نسبته إليه مما لا يجوز، مع حضه على التبليغ عنه بقوله: "ليبلغ الشاهد الغائب" حتى نقلوا أقواله، وأفعاله، وأحواله، وصفاته، وما فعل بحضرته.
فدل على أنهم اتفقوا على الإيمان بها، على الوجه الذي أراده الله منها.
ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات، بقوله -تعالى-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم، فقد خالف سبيلهم، وبالله التوفيق" انتهى [1] .
قال الإمام ابن خزيمة: " بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لله عينين، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التنزيل".
ثم ذكر بسنده حديث أبي هريرة، وقرأ قوله -تعالى- {إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} " رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضع إبهامه على أذنه، وإصبعه التي تليها على عينه" [2] . [1] المرجع المذكور. [2] كتاب "التوحيد" (ص42، 43) .