فإذا فصل بعض الخلق من بعض، سمي فاعله بارئاً.
فهو المعنى الذي به انفصلت الصورة بعضها من بعض، فصورة زيد مفارقة لصورة عمرو، وصورة حمار مفارقة لصورة فرص، فتبارك الله خالقاً بارئاً.
{المصور} أي: مصور كل صورة، لا على مثال احتذاه - ولا رسم ارتسمه، -تعالى- عن ذلك علواً كبيراً " [1] .
أي أنه لم يتقدمه أحد فعل ذلك، لا تقديراً، ولا إظهاراً وإيجاداً.
وقال الحافظ: " قال الطيبي: قيل: الألفاظ الثلاثة مترادفة، وهو وهم.
فإن {الخلق} : من الخلق، وأصله التقدير المستقيم، ويطلق على الإبداع، وهو إيجاد الشيء على غير مثال، كقوله -تعالى-: {خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وعلى التكوين، كقوله -تعالى-: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ} و {البارئ} من البرء، وأصله خلوص الشيء عن غيره، إما على سبيل الخلوص منه، كبرء الرجل من مرضه، والمديون من دينه.
أو على سبيل الإنشاء، كبرء الله النسمة.
و {المصور} مبدع صور المخترعات، ومرتبها على حسب مقتضى الحكمة، فالله -تعالى- خالق كل شيء، بمعنى أنه موجده من أصل، ومن غير أصل، وبارئه، بحسب ما تقتضيه الحكمة، من غير تفاوت، ولا اختلاف، ومصوره في صورة يترتب عليها خواصه ويتم بها كماله.
فالتقدير يقع أولاً، ثم الإحداث على الوجه المقدر يقع ثانياً، ثم التصوير بالتسوية يقع ثالثاً " [2] .
(1) "تفسير أسماء الله الحسنى" ببعض التصرف (ص26-27) .
(2) "فتح الباري" (13/391) ملخصاً.