وقال أبو نصر السجزي في "الإبانة": " وأئمتنا، كسفيان، ومالك، والحمادين، وابن عيينة، والفضيل، وبن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، متفقون على أن الله - سبحانه - فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى سماء الدنيا، وأنه يغضب، ويرضى، ويتكلم بما يشاء" [1] .
والنصوص في ذكر العرش، وأن الله -تعالى- مستو عليه، كثيرة جداً.
وآمن الصحابة وأتباعهم بذلك، على ما دلت النصوص عليه ظاهراً، دون تأويل أو تحريف، وبلا تشبيه ولا تمثيل، كما سيأتي بعض ذلك، - إن شاء الله تعالى -.
قوله: " قال أبو العالية: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} ارتفع، {فسواهن} خلقهن وقال مجاهد: {استوى} : علا على العرش".
هذا الذي ذكره البخاري عن أبي العالية، ومجاهد، هو الذي يقوله ويعتقده عامة السلف من الصحابة وأتباعهم إلى اليوم.
وهو الحق الذي دلت عليه النصوص، وجاءت تعبيراتهم في ذلك في أربعة ألفاظ، ما ذكره البخاري هنا، وثالثها "صعد"، ورابعها "استقر"، وسوف أذكرها مع أسانيدها إليهم:
قال ابن جرير: " حدثت، عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} يقول: ارتفع إلى السماء" [2] .
وروى اللالكائي بسنده، عن بشر بن عمر، قال: سمعت غير واحد من المفسرين يقولون: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} : ارتفع " [3] . [1] نقلاً عن "سير أعلام النبلاء" (17/650) .
(2) "تفسير الطبري" (1/429) بتحقيق محمود شاكر.
(3) "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (3/397) .