والأرض وما بينهما، حين كان عرشه على الماء" (1)
وقد ثبت في حديث عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء " [2] .
ولما كان شيخ الإسلام يقرر هذا، وهو أن الله لم يزل فعالاً لما يريد، ويرد على من يقول: المعنى: كان الله ولا شيء معه، أي: لا مخلوق، ولا فعل، ولا مفعول، ثم صار يخلق ويفعل بعد أن لم يكن يفعل ويخلق، وهذا هو قول الجهمية، والمعتزلة.
لما كان يقرر ذلك، ويرد قول الجهمية والمعتزلة، ظن كثير ممن لم يفهم مراده ولم يعرف مذهب أهل السنة في هذه المسألة، زن أنه يقول بقدم العالم؛ لأنه يقول بحوادث لا أول لها، لأنهم يسمون أفعال الله الاختيارية التي يفعلها بإرادته: حوادث.
وما علم هؤلاء أن لازم قولهم، أشنع، وأفظع، وهو أن الرب -تعالى- كان معطلاً عن الفعل، ثم صار فعالاً لأفعاله بعد أن لم يكن كذلك.
مع أن ما قاله شيخ الإسلام هو مذهب السلف، مثل الإمام أحمد والدارمي والبخاري وغيرهم.
قال الإمام أحمد في رده على الجهمية: " فلما ظهرت عليه الحجة، قال: إن الله يتكلم، ولكن كلامه مخلوق.
قلنا: وكذا بنو آدم كلامهم مخلوق، فقد شبهتم الله بخلقه، حين زعمتم أن كلامه مخلوق.
(1) "مجموع الفتاوى" (18/216-222) بتصرف.
(2) "صحيح مسلم" (4/2044) رقم (2653) .