الشفاعات، أو دفع البليات، أو إنالة الحاجات، أو التوجه إليه بالدعاء، ولابد من بغضه وعداوته، وعداوة عابديه ومقاطعتهم، والتبري منهم؛ لقول الله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [1] .
والإيمان بالله-تعالى- هو: إفراده بالعبادة، التي تتضمن غاية الحب ومنتهاه مع غاية الذل وأقصاه، والانقياد لأمره والتسليم له.
وهذا هو حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله، كما قال - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس: "آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ " قالوا: الله ورسوله اعلم، قال: "شهادة أن لا إله إلا الله ... " الخ [2] .
وقال-تعالى-: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [3] ، أخذ البخاري- رحمه الله- من هذه الآية وجوب العلم قبل العمل، فقال: باب العلم قبل القول والعمل؛ لقول الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [4] .
فالعلم بمعنى هذه الشهادة التي لابد لكل داخل في دين الإسلام أن يشهد بها هو الإيمان المطلوب من العباد، وهو معرفة حق الله على عباده، الذي لا يجوز الإخلال بشيء منه، وإلا استحقوا عذابه.
وأما معنى شهادة أن محمداً رسول الله، فهو: العلم اليقيني بأنه رسول من الله كلفه إبلاغ العباد أوامر الله ونواهيه، وطاعته في كل ما أمر به، واجتناب ما نهاهم عنه، وأن لا يعبد الله إلا بما جاء به، وأن كل من سلك طريقاً غير سنته [1] الآية 22 من سورة المجادلة. [2] انظر: "الفتح" (1/129) ، و"مسلم بشرح النووي" (1/188) . [3] الآية 19من سورة محمد. [4] انظر: "الفتح" (1/159) .