3-"حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن أبي حصين، والأشعث بن سليم، سمعا الأسود بن هلال، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: " أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً أتدري ما حقهم عليه؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: " أن لا يعذبهم ".
جاء بصيغة الاستفهام ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في التعليم؛ لأن الإنسان إذا سئل عن شيء لا يعلمه، ثم أخبر به بعد الامتحان بالسؤال صار ذلك أدعى لفهمه وحفظه.
وهذا من حسن تعليمه، وإرشاده -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الأسلوب ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- كثيراً.
يقال: درى يدري دراية: إذا عرف، فالدراية هي المعرفة.
و"الحق": كل موجود متحقق، أو ما سيوجد لا محالة، ويقال للكلام الصدق: حق؛ لأن وقوعه متحقق، لا تردد فيه، ولأنه مطابق للواقع، وكذا المستحق على الغير، إذا كان لا تردد فيه، فهو حق.
والمراد هنا " ما يستحقه الله تعالى على عباده، مما جعله متحتماً عليهم، وألزمهم إياه بخطابه" [1] .
فحقه تعالى على عباده: أن يعبدوه، مخلصين له العبادة، ممتثلين ما أمرهم به وأوجبه عليهم، وأعظمه التوحيد، ومجتنبين ما نهاهم عنه، وحرمه عليهم،
(1) "فتح الباري" (11/339) .