وقيل: هي كمال الحب مع كمال الخضوع؛ لأن الحب الكامل مع الذل التام يتضمن طاعة المحبوب، والانقياد له، فالعبد هو الذي ذلله الحب والخضوع لمحبوبه، فطاعة العبد لربه تكون بحسب محبته وذله له.
وعطف على العبادة عدم الشرك؛ لأن العبادة لا تنفع عند الله ولا تعتبر إلا إذا كانت خالصة من الشرك.
والمشركون كانوا يعبدون الله، ويعبدون معه غيره، ولهذا اشترط نفي الشرك. والجملة حالية، والتقدير: يعبدونه في حال عدم الإشراك به.
قال ابن حبان: عبادة الله: إقرار باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالجوارح.
ولهذا قال في الجواب: " فما حق العباد إذا فعلوا ذلك؟ فعبر بالفعل، ولم يعبر بالقول" [1] .
قوله: " أتدري ما حقهم عليه؟ " فسره بقوله: " أن لا يعذبهم".
وفي الرواية الأخرى: " أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" [2] ، والتقدير: أن لا يعذب من يعبده، ولا يشرك به شيئاً؛ لأن عدم الشرك مع عدم العبادة لا ينفع، وهذا معلوم من نصوص الشرع.
قال الحافظ: " اقتصر على نفي الشرك؛ لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم، إذ من كذب رسول الله فقد كذب الله، ومن كذب الله فهو مشرك، أو هو مثل قول القائل: من توضأ صحت صلاته، أي مع سائر الشروط، فالمراد: من مات حال كونه مؤمناً
(1) "فتح الباري" (11/339) . [2] انظر: " الفتح" (6/58) .