قال شيخ الإسلام: " من توهم أن كون الله في السماء أن السماء تحيط به، أو تحويه، فهو كاذب أن نقله عن غيره، وضال إن اعتقده في ربه.
وما فهم هذا أحد من النصوص، ولم ينقل عن أحد، ولو سئل سائر المسلمين: هل تفهمون من قول الله ورسوله: إن الله في السماء، أن السماء تحويه؟ لبادروا إلى القول: بأن هذا شيء ما خطر بالبال.
فمن الضلال أن يجعل ظاهر نصوص الكتاب والسنة في ذلك دالة على الباطل والتشبيه.
بل عند الناس قولك: إن الله في السماء، وقولك: الله فوق العرش، سواء، إذ السماء إنما يراد به العلو، فالمعنى: أن الله في العلو، لا في السفل.
وقد علم المسلمون أن كرسيه - سبحانه وتعالى - وسع السموات، والأرض، وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وأن العرش خلق من مخلوقات الله، لا نسبة له إلى عظمة الله تعالى.
فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقاً يحصره أو يحويه؟ وقد قال -تعالى-: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} [1] ، وقال -تعالى-: {فسيروا في الأرض} [2] ، بمعنى: على الأرض، وهو كلام عربي حقيقة لا مجازاً، وهذا يعلمه من عرف حقائق الحروف" [3] .
وعلو الله -تعالى- ظاهر جداً، وقد تقدم أن البخاري - رحمه الله - أشار بما ذكره في هذا الباب، إلى أن علو الله -تعالى- وفوقيته ثابت بالكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطر.
أما ثبوته بالكتاب والسنة فواضح. [1] الآية 71 من سورة طه. [2] الآية 137 من سورة آل عمران، والآية 36 من سورة النحل.
(3) "مجموع الفتاوى" (5/106) .