التسميات الحادثة المبتدعة" (1)
وقال أيضاً: " ولفظ الظاهر فيه إجمال، واشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين، أو ما هو من خصائصهم، فلا ريب أن هذا غير مراد.
والسلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرها، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفراً، وباطلاً.
والله سبحانه - وتعالى - أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه، لا يظهر منه إلا ما هو كفر، أو ضلال.
والذين يجعلون ظاهرها ذلك، يغلطون من وجهين:
أحدهما: أنهم جعلوا المعنى الفاسد، هو ظاهر نص كلام الله وكلام رسوله، ولذلك أوجبوا تأويله، ليخالف الظاهر الذي زعموا، وليس الأمر كذلك.
الثاني: أنهم ردوا المعنى الصحيح الذي هو ظاهر اللفظ؛ لاعتقادهم أنه باطل، كقولهم في الحديث: " قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن "، قالوا: لا يجوز أن يراد به الظاهر، فليس في قلوبنا أصابع.
ومعلوم أنه ليس ظاهره أن القلوب متصلة بالأصابع، ولا مماسة لها، ولا أن أصابع الرحمن في جوف العبد، ولا يفهم من قول القائل: هذا بين يدي، ما يقتضي مباشرته ليديه.
وإذا قيل: إن السحاب بين السماء والأرض، لم يقتض أن يكون مماساً للسماء، أو الأرض، ونظائر ذلك كثيرة " [2] .
(1) "مجموع الفتاوى" (3/43-45) ملخصاً. [2] المصدر السابق.