وقال أيضاً: " وما روي عن ابن عباس في قوله -تعالى-: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [1] ، أنه قال على جميع بريته، فلا يخلو منه مكان".
فالجواب: أنه منكر، ونقلته مجهولون، وضعفاء، وهم لا يقبلون أخبار الآحاد العدول، فكيف يحتجون بمثل هذا الأثر الساقط؟ وأما تعلقهم بقوله -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [2] ، وقوله -تعالى-: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} الآية [3] ، وزعمهم أنه الله - تبارك وتعالى - في كل مكان بنفسه وذاته. فيقال لهم: أنتم لا تخالفون بأنه ليس في الأرض دون السماء، بذاته، فيجب حمل هذه النصوص على المعنى الصحيح المجمع عليه، وهو أنه في السماء إله معبود من أهل السماء، وفي الأرض إله معبود من أهل الأرض، وهو الذي قاله أهل العلم بالتفسير.
وقوله -تعالى-: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} [4] الآية، ليس فيها حجة لهم؛ لأن علماء الصحابة والتابعين، الذين روي عنهم التفسير، قالوا في هذه الآية: هو على العرش، وعلمه في كل مكان. ولم يخالفهم في ذلك من يعتد به.
ثم ذكر عن ابن مسعود: قال: " الله فوق العرش، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم" وذكر عن الضحاك، وسفيان الثوري مثله" [5] . [1] الآية 5 من سورة طه. [2] الآية 84 من سورة الزخرف. [3] الآية 7 من سورة المجادلة. [4] الآية 7 من سورة المجادلة.
(5) "التمهيد" (7/133-139) ملخصاً.