مُّحْسِنُونَ} [1] حق، وحكمها النصر، والتأييد" [2] .
والمعية نوعان: عامة وخاصة.
فالأولى: هي المذكورة في مثل قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [3] .
والثانية: هي المذكورة في مثل قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [4] ، فهذه خاصة بأنبيائه وأوليائه، وعباده المؤمنين، فهو -تعالى- معهم دون أعدائهم، ومعهم بسمعه ورؤيته، ونصره وتأييده، كما أنه -تعالى- معهم بإحاطته وقبضته.
والمعية لا تدل على المخالطة، والممازجة، وإنما تدل على المصاحبة، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل" [5] .
فهو - سبحانه - مع المسافر في سفره، ومع أهله في وطنه، وهو فوق عرشه، وكل ذلك على ظاهره، غير محتاج إلى تأويل، ولا يلزم منه أن تكون ذاته مختلطة بذوات خلقه -تعالى الله وتقدس عن ذلك -؛ وذلك لأن المفهوم من المعية في اللغة العربية: المصاحبة والمقارنة، حكمها حسب مورد الخطاب، فقوله -تعالى-: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [6] أي: على الإيمان، لا أن ذواتهم حالة في ذاته، بل هم مصاحبون له ومتبعون له على الإيمان، وقوله: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} يدل على موافقتهم في الإيمان، وموالاتهم. [1] الآية 128 من سورة النحل.
(2) "مجموع الفتاوى" (5/102-104) . [3] الآية 4 من سورة الحديد. [4] الآية 46 من سورة طه. [5] رواه مسلم في "الصحيح" (2/978) الحديث رقم (1342) ورواه غيره. [6] الآية 29 من سورة الفتح.