"باب قوله -تعالى-: {قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} ([1]) ".
قال الطبري-رحمه الله تعالى-: "يقول -تعالى ذكره- لنبيه: قل يا محمد لمشركي قومك المنكرين دعاء الرحمن: {ادْعُواْ اللهَ} أيها القوم، {أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} بأي أسمائه-جل جلاله- تدعون ربكم فإنما تدعون واحداً، وله الأسماء الحسنى، وإنما قيل ذلك له-صلى الله عليه وسلم - لأن المشركين، فيما ذكر- سمعوا النبي-صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه: يا ربنا الله، ويا ربنا الرحمن، فظنوا أنه يدعو إلهين، فأنزل الله الآية، ثم روي ذلك عن ابن عباس، وعن مكحول" [2] .
قال ابن حجر: "كأنه لمح في هذه الترجمة بهذه الآية إلى ما ورد في سبب نزولها، وهو ما أخرجه ابن مردويه بسند ضعيف، عن ابن عباس: أن المشركين سمعوا رسول الله-صلى الله عليه وسلم - يدعو: يا الله، يا رحمن، فقالوا: كان محمد يأمرنا بدعاء إله واحد، وهو يدعو إلهين. فنزلت، وأخرج عن عائشة بسند آخر نحوه" [3] .
قلت: يظهر لي أن مقصود البخاري-رحمه الله- بالترجمة بهذه الآية، بيان اختصاص الله-تبارك وتعالى- بالأسماء الحسنى، وأن أسماءه كاملة المعاني، لا يلحقها نقص، أو عيب، وأن اتصاف المخلوق ببعض ما يتصف الرب تعالى به من المعاني، لا يلزم منه نقص أو عيب في أسمائه وصفاته-تعالى- لأنها حسنى [1] الآية110من سورة الإسراء.
(2) "تفسير الطبري" (15/182) .
(3) "الفتح" (13/360) .