responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 9  صفحه : 76
التَّارِيخ، وَلَا تقدم حَدِيث أبي سعيد، وَإِنَّمَا الأَصْل عِنْده التَّوَقُّف إِذا جهل التَّارِيخ وَالرُّجُوع إِلَى غَيرهمَا، أَو يرجح أَحدهمَا بِدَلِيل، وَمن جملَة تَرْجِيح الْعَام هُنَا هُوَ أَنه إِذا خص لزم إِخْرَاج بعض مَا تنَاوله أَن يكون مرَادا، وَمِنْهَا الِاحْتِيَاط فِي جعله آخرا كَمَا ذكرنَا، وَقَالَ ابْن بطال: نَاقض أَبُو حنيفَة حَيْثُ اسْتعْمل الْمُجْمل والمفسر فِي مَسْأَلَة الرقة، وَلم يسْتَعْمل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، كَمَا أَنه أوجب الزَّكَاة فِي الْعَسَل وَلَيْسَ فِيهِ خبر وَلَا إِجْمَاع. قلت: كَيفَ يسْتَعْمل الْمُجْمل والمفسر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهُوَ غير قَائِل بِهِ هُنَا لعدم الْإِجْمَال فِيهِ، وَمن أَيْن الْإِجْمَال ودلالته ظَاهِرَة، لِأَن دلَالَته على إِفْرَاده كدلالة الْخَاص على فَرد وَاحِد، فَلَا يحْتَاج إِلَى التَّفْسِير، وَلَفظ الصَّدَقَة فِي الزَّكَاة أظهر من الْعشْر فَصَرفهُ إِلَيْهَا أولى، وَلَا كَذَلِك صَدَقَة الرقة. وَلم يفهم ابْن بطال الْفرق بَينهمَا، وَكَيف يَقُول ابْن بطال: كَمَا أَنه أوجب الزَّكَاة وَلَيْسَ فِيهِ خبر؟ وَقد ذكرنَا عَن التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، (فِي الْعَسَل فِي كل عشرَة أزق زق) ، وَذكرنَا فِيمَا مضى عَن قريب جملَة أَحَادِيث تدل على الْوُجُوب، وَقَوله: وَلَا إِجْمَاع، كَلَام واهٍ، لِأَن الْمُجْتَهد لَا يرى بِالْوُجُوب فِي شَيْء إلاَّ إِذا كَانَ فِيهِ إِجْمَاع، وَهَذَا لم يقل بِهِ أحد. قَوْله: (أهل الثبت) ، بتحريك الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: أهل الثَّبَات. قَوْله: (كَمَا روى الْفضل بن عَبَّاس) أَي: عبد الْمطلب، ابْن عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا الَّذِي ذكره صُورَة اجْتِمَاع النَّفْي وَالْإِثْبَات، لِأَن الْفضل يَنْفِي صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَوف الْكَعْبَة لما حج عَام الْفَتْح، وبلال يثبت ذَلِك، فَأخذ بقول بِلَال لكَونه يثبت أمرا، وَترك قَول الْفضل لِأَنَّهُ يَنْفِيه، وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَن النَّفْي مَتى عرف بدليله يُعَارض الْمُثبت وإلاَّ فَلَا، وَهَهُنَا لم يعرف النَّفْي بِدَلِيل، فَقدم عَلَيْهِ الْإِثْبَات، وَذكر بعض أَصْحَابنَا هَذِه الصُّورَة بِخِلَاف مَا قَالَه البُخَارِيّ، وَهِي: أَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي جَوف الْكَعْبَة، ورجحنا رِوَايَته على رِوَايَة بِلَال أَنه: لم يصل فِي جَوف الْكَعْبَة عَام الْفَتْح فِي تِلْكَ الْأَيَّام.

65 - (بابٌ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق صَدَقَة، أَي: زَكَاة.

4841 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيى قَالَ حدَّثنا مالِكٌ قَالَ حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله ابنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبِي صَعْصَعَةَ عنْ أبِيهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ فِيمَا أقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ وَلاَ فِي أقَلَّ منْ خَمْسَةٍ مِنَ الإبِلِ الذَّوْدِ صَدَقَةٌ وَلاَ فِي أقَلَّ مِنْ خَمْسِ أوَاقٍ منَ الوَرَقِ صَدَقَةٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن التَّرْجَمَة الْجُزْء الأول من الحَدِيث، وَقد مضى الحَدِيث فِي: بَاب زَكَاة الْوَرق، رَوَاهُ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني عَن أَبِيه، قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ ... إِلَى آخِره، وَلَكِن فِي الْمَتْن اخْتِلَاف فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير. وَأخرجه أَيْضا فِي: بَاب لَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة، رَوَاهُ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن إِلَى آخِره، وَهَهُنَا رَوَاهُ عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان عَن مَالك.
قَوْله: (فِيمَا أقل) ، كلمة: مَا، زَائِدَة و: أقل، فِي مَحل الْجَرّ، وَقَالَ ابْن بطال: الأوسق الْخَمْسَة هِيَ الْمِقْدَار الْمَأْخُوذ مِنْهُ، وَأوجب أَبُو حنيفَة فِي قَلِيل مَا تخرجه الأَرْض وَكَثِيره، فَإِنَّهُ خَالف الْإِجْمَاع. قلت: لَيْت شعري كَيفَ يتَلَفَّظ بِهَذَا الْكَلَام؟ وَمن أَيْن الْإِجْمَاع حَتَّى خَالفه أَبُو حنيفَة؟ وَقد ذكرنَا عَن جمَاعَة ذَهَبُوا إِلَى مَا قَالَه أَبُو حنيفَة، قَالَ: وَكَذَلِكَ أوجبهَا فِي الْبُقُول والرياحين وَمَا لَا يوسق كالرمان، وَالْجُمْهُور على خِلَافه. قلت: أوجب أَبُو حنيفَة فِي الْبُقُول، يَعْنِي: الخضروات بِعُمُوم حَدِيث ابْن عمر الْمَذْكُور عَن قريب، وبعموم حَدِيث جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (فِيمَا سقت السَّمَاء والغيم العُشر، وَفِيمَا سقِِي بالسانية نصف العُشر) ، رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَأحمد، فَدلَّ عمومها على وجوب العُشر فِي جَمِيع مَا أخرجته الأَرْض من غير قيد وَإِخْرَاج لبَعض الْخَارِج عَن الْوُجُوب وإخلائه عَن حُقُوق الْفُقَرَاء، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي (عارضة الأحوذي) : وَأقوى الْمذَاهب فِي الْمَسْأَلَة

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 9  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست