والحزن والخبيث والطيب)) ، رواه أحمد والترمذي وأبوداود.
101- (23) وعن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن الله خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(والحزن) بفتح الحاء وسكون الزاي أي الغليظ الطبع الخشن من حزن الأرض وهو الغليظ الخشن. (والخبيث) أي خبيث الخصال (والطيب) على طبع أرضهم، وكل ذلك بتقدير الله تعالى لوناً وطبعاً وخلقاً. قال الطيبي: لما كانت الأوصاف الأربعة ظاهرة في الإنسان والأرض أجريت على حقيقتها، وأولت الأربعة الأخيرة؛ لأنها من الأخلاق الباطنة، فإن المعنى بالسهل الرفق واللين، وبالحزن الخرق والعنف، وبالطيب الذي يعني به الأرض العذبة المؤمن الذي هو نفع كله، وبالخبيث الذي يراد به الأرض السبخة الكافر الذي هو ضر كله - انتهى. وفيه إشارة إلى أن هذه الأوصاف والآثار بمنزلة هذه الألوان في كونها تحت الأقدار، غايته أن الأوصاف قابلة للزيادة والنقصان بحسب الطاعة والإمكان لمجاهدة الإنسان بخلاف الألوان، وإن نظرت إلى الحقيقة فلا تبديل ولا تغيير لخلق الله، وهذا معنى قوله: "جف القلم على علم الله"، قاله القاري. (رواه أحمد) (ج4:ص406، 400) ، (والترمذي) في أول تفسير البقرة وقال: "حديث حسن صحيح"، وكذا صححه أبوالفرج الثقفي في الفوائد (ق197/1) ، (وأبوداود) في السنة وأخرجه أيضاً الحاكم والبيهقي.
101- قوله: (خلقه) أي الثقلين من الجن والإنس أو الإنس فقط، لا الملائكة فإنهم ما خلقوا إلا من نور. (في ظلمة) أي كائنين في ظلمة النفس الأمارة بالسوء المجبولة بالشهوات المردية والأهواء المضلة. (فألقى) أي فرش كما في رواية (من نوره) أي نوره الذي خلقه الله تعالى، فمن زائدة في الإثبات أو بيانية أي شيئاً هو نوره، فيكون "من نوره" صفة محذوف، أو تبعيضية أي بعض نوره، وإضافة النور إلى الله تعالى إضافة إبداع واختراع على سبيل التكريم، كما في قوله: {ونفخت فيه من روحي} ، (فمن أصابه من ذلك النور) أي شيء من ذلك النور أو بعض ذلك النور. قيل: المراد بالنور الملقى عليهم نور الإيمان والطاعة والإحسان والمعرفة. وقيل: المراد به ما نصب لهم من الشواهد والحجيج وما أنزل إليهم من الآيات والنذر، إذ لولا ذلك لبقوا في ظلمات الضلالة والجهالة، والمراد بإصابة النور الاعتبار بالحجج والانتفاع بالشواهد، والاستدلال بالآيات على ذاته تعالى وصفاته، وعلى دين الإسلام بتوفيق الله، فمن شاءالله بهدايته فشاهد حججه واعتبر بآياته واستدل بشواهده بالنظر الصحيح، فهو الذي أصابه ذلك النور فخلص من تلك الظلمة واهتدى، ومن لم يشأ هدايته فعمي عن آياته، فهو الذي حرم من ذلك النور وبقي في ظلمات الطبيعة متحيراً وارتدى، وإليه يشير قوله تعالى: {أو من كان ميتاً فأحيناه وجلعنا له نوراً} [122:6] وقوله: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه} [22:39] . فعلم أن الهداية والضلالة بمشيئة الله وتقديره في الأزل. قال في اللمعات: الحق أن المراد من خلقه هو وقت الولادة، ومن إلقاء النور هو زمان إظهار الشرائع وإعطاء التوفيق للاهتداء، وبالجملة في الحديث دلالة على أن الإنسان