هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عين كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أى رب مَن هؤلاء؟ قال ذريتك، فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، قال: أي رب من هذا؟ قال: داود، فقال: أي رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: رب زده من عمري أربعين سنة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلما انقضى عمر آدم إلا أربعين جاءه ملك الموت، فقال آدم: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟ فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته، وخطأ آدم وخطأت ذريته)) ، رواه الترمذي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مأخوذة من النسيم (هو خالقها من ذريته) الجملة صفة نسمة، ذكرها ليتعلق بها قوله: " إلى يوم القيامة" و"من" بيانية، وفيه دليل على أن إخراج الذرية كان حقيقياً (وبيصاً) أي بريقاً ولمعاناً (من نور) في ذكره إشارة إلى الفطرة السليمة، وفي قوله: "بين عيني كل إنسان" إيذان بأن الذرية كانت على صورة الإنسان على مقدار الذر (قال: ذريتك) أي هم ذريتك (فأعجبه) أي سره قال داود) قيل تخصيص التعجب من وبيص داود إظهار لكرامته ومدح له، فلا يلزم تفضيله على سائر الأنبياء؛ لأن المفضول قد يكون له مزية بل مزايا ليست في الفاضل، ولعل وجه الملائمة بينهم اشتراك نسبة الخلافة. (كم جعلت عمره) كم مفعول لما بعده، وقدم لما له الصدر أي كم سنة جعلت عمره (زده من عمري) أي من جملة الألف، و "من عمري" صفة "أربعين" قدمت فعادت حالاً وقوله: (أربعين سنة) مفعول ثان لقوله: "زده" كقوله تعالى: {رب زدني علما} . (إلا أربعين) أي سنة (أولم يبق من عمري) بهمزة الاستفهام الإنكاري المنصب على نفي البقاء فيقيد إثباته، وقدمت على الواو لصدارتها، والواو استئنافية لمجرد الربط بين ما قبلها وما بعدها. (أولم تعطها) أي أتقول ذلك ولم تعطها أي الأربعين (فحجه آدم) أي ذلك؛ لأنه كان في عالم الذر فلم يستحضره حالة مجئي ملك الموت له، قاله ابن حجر. وقيل: حج بحكم الجبلة التي فطر عليها الإنسان من الحرص على المال والعمر في زمان الشيب وكبر السن. (فجحدت ذريته) ؛ لأن الولد سر لأبيه (ونسى آدم) إشارة إلى أن الجحد كان نسياناً أيضاً إذ لا يجوز جحده عنادا (فأكل من الشجرة فنسيت ذريته) وفي رواية الترمذي "ونسى آدم فنسيت ذريته" أي بدون قوله: "فأكل من الشجرة" (وخطأ آدم) قال القاري: بفتح الطاء أي في اجتهاده من جهة التعيين والتخصيص، والظاهر أنه بكسر الطاء من باب سمع أي أذنب وعصى، لقوله تعالى:: {وعصى آدم ربه} [121:20] . وفي الحديث إشارة إلى أن ابن آدم مجبول من أصل خلقته على الجحد والنسيان والخطأ إلا من عصمه الله. (رواه الترمذي) في تفسير سورة الأعراف في تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم..} الآية [172:7] وقال: حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخرجه