125- (1) عن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلم إذا سئل في القبر، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فذلك قوله: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بقوله تعالى: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} فكذا حياة المقبور قبل الحشر. قال ابن المنير: وأشكل ما في القضية أنه إذا ثبت حياتهم لزم أن يثبت موتهم بعد هذه الحياة ليجتمع الخلق كلهم في الموت عند قوله تعالى: {لمن الملك اليوم} [16:40] ويلزم تعدد الموت، وقد قال {لايذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} الآية. والجواب الواضح عندي أن معنى قوله: {لايذوقون فيها الموت} أي ألم الموت، فيكون الموت الذي يعقب الحياة الأخروية بعد الموت الأول لا يذاق ألمه البتة، ويجوز ذلك في حكم التقدير بلا إشكال، وما وضعت العرب اسم الموت إلا للمؤلم على ما فهموه، لا باعتبار كونه ضد الحياة، فعلى هذا يخلق الله لتلك الحياة الثانية ضداً يعدمها به، لا يسمى ذلك الضد موتا وإن كان للحياة ضد، جمعاً بين الأدلة العقلية والنقلية واللغوية –انتهى. وقد ادعى قوم من الملاحدة، والزنادقة، والخوارج، وبعض المعتزلة عدم ذكر عذاب القبر في القرآن، وزعموا أنه لم يرد ذكره إلا من أخبار الآحاد. وهو مردودو عليهم، قد بسط الكلام في الرد عليهم الإمام الحافظ ابن القيم في كتاب الروح، فعليك أن تطالعه، فإنه كتاب جليل القدر، ماصنف مثله في معناه، يشتمل على جملة من المسائل، تتضمن الكلام على أرواح الأموات والأحياء.
125- قوله: (عن البراء) بموحدة مفتوحة وخفة راء ومد (بن عازب) بن الحارث بن عدى الأنصاري الأوسي، كنيته أبوعمارة المدني الصحابي ابن الصحابي، نزل الكوفة، استصغر يوم بدر، وكان هو وابن عمر لدة. أول مشاهده أحد، وقيل: الخندق. غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة عزوة، وافتتح الري سنة (24) وشهد مع علي ابن أبي طالب الجمل وصفين ونهروان. مات بالكوفة سنة (72) له ثلاثمائة حديث وخمسة أحاديث، اتفقا على اثنين وعشرين، وانفرد البخاري بخمسة عشر، ومسلم بستة، روى عنه خلق. (قال المسلم) وفي رواية: المؤمن، والمراد به الجنس، فيشمل المذكر والمؤنث، أو يعرف حكمها بالتبعية (إذا سئل في القبر) التخصيص للعادة، أوكل موضع فيه مقره فهو قبره، والمسئول عنه محذوف، أي عن ربه، ونبيه، ودينه، لما ثبت في الأحاديث الأخر (يشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمداً رسول الله) أي يجيب بأن لا رب إلا الله، ولا إله سواه، وبأن نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويلزم منه أن دينه الإسلام (فذلك) أي فمصداق ذلك الحكم (قوله) أي تعالى (بالقول الثابت) أي الذي ثبت بالحجة عندهم، وهي كلمة التوحيد، وثبوتها تمكنها في القلب، واعتقاد حقيقتها، واطمئنان القلب بها. قيل: الباء للسببية متعلقة بيثبت، وكذا (في الحياة الدنيا) أي قبل الموت، بأن لا يزالوا عنه إذا فتنوا في دينهم، ولم يرتابوا بالشبهات، وإن ألقوا في النار، كما ثبت الذين فتنتهم أصحاب الأخدود، والذين نشروا بالمناشير. (وفي الآخرة) أي في القبر بتلقين الجواب والتمكين على