سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه)) . رواه البخاري.
143- (4) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قيل: ومن أبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) . رواه البخاري.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إحداثه وإشاعته، فيدخل فيه أحداًث البدعة، وبهذا المعنى أورده البغوى في الاعتصام بالكتاب والسنة. (سنة الجاهلية) اسم جنس يعم جميع ما كان عليه أهل الجاهلية من النياحة، والميسر، والطيرة، والكهانة، وقتل الأولاد، وجزاء شخص بجناية من هو من قبيلته. وإطلاق السنة على فعل الجاهلية على أصل اللغة. (مطلب) بالتنوين (دم امرىء) بالنصب، وقيل بإضافة (مطلب) إلى ”دم" وهو بتشديد الطاء من الاطلاب أصله مطتلب على مفتعل، فأبدلت التاء طاء وأدغمت، أي متكلف في الطلب، مبالغ ومجتهد فيه. (ليهريق دمه) بضم الياء وفتح الهاء ويجوز إسكانها من هراق الماء إذا صبه، والأصل أراق، قلبت الهمزة هاء وفيه لغة أخرى، وهى أهراق، بفتح الهمزة سكون الهاء، وخص الإهراق أي الصب؛ لأنه الغالب في القتل، وإلا فالمدار على إزهاق الروح ولو بخنق ونحوه، وخص هؤلاء الثلاثة؛ لأنهم جمعوا بين الذنب وما يزيد به قبحاً من الإلحاد، وكونه في الحرم، وإحداث البدعة في الإسلام، وكونها من أمر الجاهلية، وقتل النفس لا لغرض من الأغراض، بل لمطلق كونه قتلاً، وإليه الإشارة بقوله: "ليهريق دمه" ويزيد القبح في الأول باعتبار المحل، وفيه الثاني باعتبار الفاعل، وفي الثالث باعتبار الفعل، وفي كل من لفظي المطلب والمبتغي مبالغة، وذلك أن هذا الوعيد إذا ترتب على الطالب والمتمني فكيف للمباشر. (رواه البخاري) في الديات، والحديث من إفراده.
143- قوله: (كل أمتي يدخلون الجنة) يحتمل أن يراد بالأمة أمة الدعوة، أي كلهم يدخلون الجنة على التفصيل السابق في باب الإيمان، فالآبى هو الكافر، ويحتمل أن يراد بها أمة الإجابة، فالآبى هو العاصي، استثناه تغليظاً وزجراً عن المعاصي. (إلا من أبى) أي امتنع عن قبول ما جئت به (قيل: ومن أبى) وفي البخاري: قالوا: ومن يأبى؟ أي بلفظ المضارع، وهذه عطف على محذوف، عطف جملة على جملة، أي عرفنا الذين يدخلون الجنة. ومن الذى يأبى؟ أي والذى أبى لا نعرفه، وحق الجواب اختصاراً أن يقول "من عصاني" فقط، فعدل إلى ما ذكره تنبيهاً به على أنهم ما عرفوا ذاك ولا هذا، أو التقدير: من أطاعنى، وتمسك بالكتاب والسنة، دخل الجنة، ومن اتبع هواه، وضل عن الطريق المستقيم، وزل عن الصواب، فقد دخل النار. فوضع "أبى" موضعه وضعا للسبب موضع المسبب، ويعضد هذا التاويل إيراد البغوي هذا الحديث في الاعتصام بالكتاب والسنة، والتصريح بذكر الطاعة، فإن المطيع هو الذى يعتصم بالكتاب والسنة، ويجتنب عن الأهواء والبدع. (رواه البخاري) في الاعتصام، وأخرجه أيضاً الحاكم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهذا وهم منه؛ لأنه أخرجه البخاري في صحيحه، وهو من إفراده، وروى أحمد والحاكم عن أبي هريرة رفعه: لتدخلن الجنة إلا من أبى، وشرد على الله شراد البعير. وسنده على شرط الشيخين، وله شاهد عن