متفق عليه.
154- (15) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم)) رواه مسلم.
155- (16) وعنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤن التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالسؤال والزجر عنه مخصوص بجهة غير الأخرى، وإنما كان هذا أعظم جرماً؛ لأن سراية هذا الضرر عمت المسلمين إلى انقراض العالم، فالقتل وإن كان من أكبر الكبائر فإنه يتعدى إلى القاتل أو إلى عاقتله، ولكن جرم من حرم ما سأل لأجل مسألته، فإنه تعدى إلى سائر المسلمين، فلا يمكن أن يوجد جرم ينتهى في معنى العموم إلى هذا الحد. ويؤخذ منه أن من عمل شيئاً أضر به غيره كان آثماً، وأن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد الشرع بخلاف ذلك (متفق عليه) أخرجه البخارى في الاعتصام، ومسلم في الفضائل، وأخرجه أيضاً أبوداود في السنة، ولفظ "في المسلمين" ليس للبخاري، وكذا لفظ "على الناس".
154- قوله: (يكون في آخر الزمان) أي آخر زمان هذه الأمة (دجالون) من الدجل وهو تلبيس الباطل بما يشبه الحق، يقال: دجل إذا موَّه ولبس، أي مزورون وملبسون وخداعون، يقولون للناس: نحن علماء ومشائخ، ندعوكم إلى الدين وهم كاذبون في ذلك، ويتحدثون بأكاذيب، ويبتدعون أحكاماً باطلة، وإعتقادات فاسدة، فاحذروهم. ويجوز أن تحمل "الأحاديث" على المشهور عند المحدثين ليكون المراد بها الموضوعات. (فإياكم) أي أبعدوا أنفسكم عنهم (وإياهم) أي أبعدوهم عنكم (لا يضلونكم) استئناف، جواب لقائل لم نبعدهم؟ لئلا يضلوكم، فحذف الجار والناصب، فعاد الفعل إلى الرفع كذا ذكره بعضهم. وقال الطيبي: كأنه قيل: ماذا يكون بعد الحذر؟ فأجيب لا يضلونكم - انتهى. وقيل: هو خبر في معنى النهي مبالغة فيكون تأكيداً للأمر بالحذر. (ولايفتنونكم) أي لا يوقعونكم في الفتنة (رواه مسلم) في مقدمة صحيحه، وأخرجه أيضاً أحمد.
155- قوله: (كان أهل الكتاب) أي اليهود (بالعبرانية) بكسر العين (ويفسرونها) أي يترجمونها (لا تصدقوا) أي فيما لم يتبين لكم صدقة، لاحتمال أن يكون كذباً، وهو الظاهر من أحوالهم (أهل الكتاب) أي اليهود والنصارى (ولا تكذبوهم) أي فيما حدثوا من التوراة والإنجيل، ولم يتبين لكم كذبه لاحتمال أن يكون صدقاً وحقاً وإن كان نادرا؛ لأن الكذوب قد يصدق، كذا في المرقاة. وقيل: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، أي إذا