وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) رواه مسلم.
158- (19) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً. ومن دعا إلى ضلالة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قصارين يقصرون الثياب، أي يحورونها ويبيضونها، فلما صاروا أنصاره غلب عليهم الاسم، ثم استعير لكل من ينصر نبياً ويتبع هداه تشبيها بأولئك؛ لأنهم خلصان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (وأصحاب) عطف تفسيري، أو الأصحاب غير الحواريين أعم منهم (سنته) أي بهديه وسيرته (ويقتدون بأمره) أي يتبعونه في أمره ونهيه. (ثم إنها) الضمير للقصة (تخلف) بضم اللام، أي تحدث (خلوف) بضم الخاء، جمع خلف بسكون اللام مع فتح الخاء كعدل وعدول، وهو الردى من الأعقاب، أو ولد السوء. والخلف بفتحتين يجمع على أخلاف كسلف وأسلاف، وهو الصالح من الأعقاب والأولاد. والمعنى أنه يجيء من بعد أولئك السلف الصالح أناس لا خير فيهم، ولا خلاق لهم في أمور الديانات. (فمن جاهدهم) جزاء شرط محذوف، أي إذا تقرر ذلك فمن حاربهم وأنكر عليهم إلخ (فهو مؤمن) قال الطيبي: التنكير للتنويع، فالأول دل على كمال الإيمان، والثالث على نقصانه. والمتوسط على القصد فيه. وفي "حبة خردل" على نفيه بالكلية. (ومن جاهدهم بقلبه) أي أنكر عليهم بقلبه بأن يكره ويغضب عليهم، ولو قدر لحاربهم باليد أو باللسان (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) هي اسم "ليس" و"من" الإيمان" صفته قدمت فصارت حالاً منها، و"وراء ذلك" خبره. ثم ذهب المظهر إلى أن الإشارة بذلك إلى الإيمان في المرتبة الثالثة. قال الطيبي: ويحتمل أن يشار إلى المذكور كله من مراتب الايمان، أي ليس وراء ما ذكرت من مراتب الإيمان مرتبط قط؛ لأن من لم ينكر بالقلب رضى بالمنكر، والرضا بالمنكر كفر، فتكون هذه الجملة المصدرة بليس معطوفة على الجملة قبلها بكمالها. قال القاري: والأول هو الظاهر، أي وراء الجهاد بالقلب. (رواه مسلم) في الإيمان.
158- قوله: (من دعا إلى هدى) أي دعا غيره إلى ما يهتدي به من الأعمال الصالحة (كان له) أي للداعي (لا ينقص) بضم القاف (ذلك) إشارة إلى مصدر "كان" وقيل: الأظهر أنه راجع إلى "الأجر" (من أجورهم شيئاً) هو مفعول به لينقص، أي لا ينقص شيئاً من أجورهم، أو مفعول مطلق أي شيئاً من النقص. وهذا دفع لما يتوهم أن أجر الداعي إنما يكون مثلاً بالتنقيص من أجر التابع، وبضم أجر التابع إلى أجر الداعي. (إلى ضلالة) أي إلى فعل إثم