responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 101
رُوِيَ أَنَّ عَظِيمًا مِنَ النَّصَارَى سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ: (وَرُوحٌ مِنْهُ) قَالَ: أَفَغَيْرُ هَذَا دِينُ النَّصَارَى؟ يَعْنِي أَنَّ هَذَا دِينُ النَّصَارَى، يَعْنِي أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِيسَى بَعْضٌ مِنْهُ. فَأَجَابَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13] فَلَوْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ: (وَرُوحٌ مِنْهُ) أَنَّهُ بَعْضُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ لَكَانَ مَعْنَى " جَمِيعًا مِنْهُ " أَنَّ الْجَمِيعَ بَعْضٌ مِنْهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ، فَأَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ تَسْخِيرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَائِنٌ مِنْهُ وَحَاصِلٌ مِنْ عِنْدِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ مُكَوِّنُهَا وَمُوجِدُهَا. (وَالْجَنَّةُ) : مَنْصُوبٌ، وَيُرْفَعُ (وَالنَّارُ حَقٌّ) : مُبَالَغَةٌ كَزَيْدٍ عَدْلٍ، أَوْ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ أَيْ ثَابِتٌ، وَأُفْرِدَ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، أَوْ لِإِرَادَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. وَفِي كَلَامِ أَهْلِ التَّحْقِيقِ أَنَّ الْجَنَّةَ جَنَّةُ الْوُصُولِ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَالْمَلَائِكَةِ الْكَرُوبِيَّةِ، وَالرُّوحَانِيَّةِ، وَطَبَقَاتِ الْأَرْوَاحِ، وَعَالَمِ السَّمَاوَاتِ، بِحَيْثُ يَصِيرُ رُوحُ السَّالِكِ كَالْمِرْآةِ الْمُحَاذِيَةِ لِعَالِمِ الْقُدْسِ، وَأَشْجَارُهَا الْمَلَكَاتِ الْحَمِيدَةَ وَالْأَخْلَاقَ السَّعِيدَةَ، وَنَحْوَهَا مِنَ الْمَكَاسِبِ. وَأَثْمَارُهَا الْمُكَاشَفَاتُ وَالْمُشَاهَدَاتُ وَالْإِشَارَاتُ، وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَوَاهِبِ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْجَنَّةِ الْحِسِّيَّةِ فَهُوَ أَبْلَهٌ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْحَقِّ وَانْتَقَلَ مِنْ رُوحِ الْمَحَبَّةِ وَالْقُرْبِ إِلَى سِيَاسَةِ الْقَهْرِ وَالْبُعْدِ، وَانْحَطَّ عَنِ الْجِهَةِ الْعُلْوِيَّةِ إِلَى عَالِمِ النَّارِ - يُعَذَّبُ بِنَارٍ رُوحَانِيَّةٍ نَشَأَتْ مِنِ اسْتِيلَاءِ صِفَةِ الْقَهْرِ الْإِلَهِيِّ، فَيَكُونُ أَشَدَّ وَأَدْوَمَ إِيلَامًا مِنَ النَّارِ الْجُسْمَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ حَرَارَتَهَا تَابِعَةٌ لِنَارٍ رُوحَانِيَّةٍ مَلَكُوتِيَّةٍ هِيَ شَرَرٌ مِنْ نَارِ غَضَبِ اللَّهِ بَعْدَ تَنَزُّلِهَا فِي مَرَاتِبَ كَثِيرَةٍ كَتَنَزُّلِهَا فِي مَرْتَبَةِ النَّفْسِ بِصُورَةِ الْغَضَبِ، وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ. وَهَذَا مَعْنَى مَا يُقَالُ: إِنَّ نَارَ جَهَنَّمَ غُسِلَتْ بِالْمَاءِ سَبْعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ أُنْزِلَتْ إِلَى الدُّنْيَا لِيُمْكِنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا. (أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ) : ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً، وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ أَوْ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ. (عَلَى مَا كَانَ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ مِنْ قَوْلِهِ: أَدْخَلَهُ اللَّهُ أَيْ كَائِنًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَوْصُوفًا بِهِ (مِنَ الْعَمَلِ) : حَسَنًا أَوْ شَيْئًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ. [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] : وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

28 - «وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلِأُبَايِعَكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، فَقَبَضْتُ يَدِي، فَقَالَ: " مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ " قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، فَقَالَ: تَشْتَرِطُ مَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: " أَمَا عَلِمْتَ يَا عَمْرُو أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْحَدِيثَانِ الْمَرْوِيَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ) » ، وَالْآخَرُ: " «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي» ". سَنَذْكُرُهُمَا فِي بَابَيِ الرِّيَاءِ وَالْكِبْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
28 - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) الْأَصَحُّ عَدَمُ ثُبُوتُ الْيَاءِ إِمَّا تَخْفِيفًا، أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجْوَفُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي " الْقَامُوسِ " الْأَعْيَاصُ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْلَادُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْأَكْبَرِ، وَهُمُ الْعَاصِ، وَأَبُو الْعَاصِ، وَالْعِيصُ، وَأَبُو الْعِيصِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ الْعَاصِ بِالْيَاءِ وَلَا قِرَاءَتُهُ بِهَا، لَا وَقْفًا وَلَا وَصْلًا، فَإِنَّهُ مُعْتَلُّ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا يَتَوَهَّمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ عَصَى، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ إِثْبَاتُ الْيَاءِ وَحَذْفُهَا وَقْفًا وَوَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُعْتَلُّ اللَّامِ.
(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ) أَيْ لَهُ كَمَا فِي نُسْخَةِ (ابْسُطْ يَمِينَكَ) أَيِ افْتَحْهَا وَمُدَّهَا لِأَضَعَ يَمِينِي عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي الْبَيْعَةِ (فَلِأُبَايِعَكَ) : بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالتَّقْدِيرُ لِأُبَايِعَكَ، تَعْلِيلًا لِلْأَمْرِ، وَالْفَاءِ مُقْحَمَةٌ، وَقِيلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَأَنَا أُبَايِعُكَ، وَأَقْحَمُ اللَّامَ تَوْكِيدًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لَامَ الْأَمْرِ فَيُجْزَمُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ مَفْتُوحَةً وَالْعَيْنُ مَضْمُومَةً، وَالتَّقْدِيرُ فَلِأَجْلِ أَنْ أُبَايِعَكَ طَلَبْتُ بَسْطَ يَمِينِكَ. (فَبَسَطَ يَمِينَهُ) أَيِ الْكَرِيمَةَ (فَقَبَضْتُ يَدِي) : بِسُكُونِ الْيَاءِ، وَتُفْتَحُ أَيْ، إِلَى جِهَتِي، وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: أَيْ نَفْسِي، وَهُوَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست