responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 114
هُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنَ الصُّوفِيَّةِ (فَخَلِّهِمْ) مِنْ غَيْرِ الْبِشَارَةِ (يَعْمَلُونَ) حَالٌ. فَإِنَّ الْعَوَامَّ إِذَا بُشِّرُوا يَتْرُكُونَ الْعَمَلَ، بِخِلَافِ الْخَوَاصِّ فَإِنَّهُمْ إِذَا بُشِّرُوا يَزِيدُونَ فِي الْعَمَلِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَخَلِّهِمْ) (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) كَانَ الْمُنَاسِبُ لِدَأْبِهِ أَنْ يَقُولَ: رَوَى الْأَحَادِيثَ الْأَرْبَعَةَ مُسْلِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي الْحَدِيثِ اهْتِمَامُ الْأَتْبَاعِ بِحَالِ مَتْبُوعِهِمْ، وَالِاعْتِنَاءُ بِتَحْصِيلِ مَصَالِحِهِ وَرَفْعِ مَفَاسِدِهِ، وَفِيهِ جَوَازُ دُخُولِ الْإِنْسَانِ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَرْضَى بِذَلِكَ لِمَوَدَّةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ دَخَلَ الْحَائِطَ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْقِلْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِدُخُولِ الْأَرْضِ بَلْ لَهُ انْتِفَاعٌ بِأَدَوَاتِهِ، وَأَكْلُ طَعَامِهِ، وَالْحَمْلُ مِنْ طَعَامِهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَرُكُوبُ دَابَّتِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفِ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ إِلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَأَشْبَاهِهَا، وَلَعَلَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الدَّرَاهِمِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي يُشَكُّ فِي رِضَاهُ بِهَا، وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْآخَرِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، سَوَاءٌ كَانَ الْمُفَدَّى بِهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، أَوْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا.

40 - وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
40 - (وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ) : - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ لِي) فِي قَوْلِهِ: لِي إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ وَحْدَهُ، أَوْ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْخِطَابِ (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ) قَالَ الطِّيبِيُّ: مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ مُبْتَدَأٌ، وَ " شَهَادَةُ " خَبَرُهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُطَابَقَةٌ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعِ وَالْإِفْرَادِ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَمِعًى جِيَاعًا
جَعَلَ النَّاقَةَ الضَّامِرَةَ مِنَ الْجُوعِ كَأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ مِعَاهَا مِعًى وَاحِدٌ مِنْ شَدَّةِ الْجُوعِ، وَكَذَا جُعِلَتِ الشَّهَادَةُ الْمُسْتَتْبِعَةُ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي هِيَ كَأَسْنَانِ الْمَفَاتِيحِ، كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ مِفْتَاحٍ وَاحِدٍ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ الْجِنْسُ، فَشَهَادَةُ كُلِّ أَحَدٍ مِفْتَاحٌ لِدُخُولِهِ الْجَنَّةَ، إِمَّا ابْتِدَاءً أَوِ انْتِهَاءً، وَالْأَعْمَالُ إِنَّمَا هِيَ لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَمَرَاتِبِ اللَّذَّاتِ فِي الْوِصَالِ، أَوْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمَّا كَانَتْ مِفْتَاحُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَكَأَنَّهَا مَفَاتِيحُ، أَوْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَصْدَرٌ فَهُوَ لِشُمُولِهِ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ يُخْبَرُ بِهِ عَنِ الْجَمْعِ وَغَيْرِهِ، وَشَبَّهَ الشَّهَادَةِ بِالْمَفَاتِيحِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا سَبَبٌ لِلدُّخُولِ، ثُمَّ حَذَفَ أَدَاةَ التَّشْبِيهِ وَقَلَبَهُ زِيَادَةً فِي تَحْقِيقِ مَعْنَى الْمُشَبَّهِ وَالْمُبَالِغَةِ فِيهِ، وَفِيهِ الِاسْتِغْنَاءُ بِأَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ عَنِ الْآخَرِ، إِذْ لَا يُعْتَدُّ بِإِحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ إِلَّا مَعَ الْأُخْرَى (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

41 - وَعَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ حَزِنُوا عَلَيْهِ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يُوَسْوِسُ، قَالَ عُثْمَانُ: وَكُنْتُ مِنْهُمْ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ مَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ وَسَلَّمَ، فَلَمْ أَشْعُرْ بِهِ، فَاشْتَكَى عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثُمَّ أَقْبَلَا حَتَّى سَلَّمَا عَلَيَّ جَمِيعًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا حَمَلَكَ أَنْ لَا تَرُدَّ عَلَى أَخِيكَ عُمَرَ سَلَامَهُ؟ قُلْتُ: مَا فَعَلْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلَى، وَاللَّهِ لَقَدْ فَعَلْتَ. قَالَ: قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ أَنَّكَ مَرَرْتَ وَلَا سَلَّمْتَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ عُثْمَانُ، قَدْ شَغَلَكَ عَنْ ذَلِكَ أَمْرٌ. فَقُلْتُ أَجْلَ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: تَوَفَّى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ نَجَاةِ هَذَا الْأَمْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ. فَقُمْتُ إِلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَجَاةُ هَذَا الْأَمْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ قَبِلَ مِنِّي الْكَلِمَةَ الَّتِي عَرَضْتُ عَلَى عَمِّي فَرَدَّهَا، فَهِيَ لَهُ نَجَاةٌ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
41 - (وَعَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رِجَالًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ: إِنَّ رِجَالًا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْوَاوِ مَاضٍ مَجْهُولٌ (حَزِنُوا) : بِكَسْرِ الزَّايِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَوْتِهِ، وَغَيْبَةِ طَلْعَتِهِ، وَفِقْدَانِ حَضْرَتِهِ، وَعَدَمِ وِجْدَانِ إِفَادَتِهِ الْعُلُومَ الظَّاهِرِيَّةَ، وَإِفَاضَتِهِ الْمَعَارِفَ الْبَاطِنِيَّةَ (حَتَّى كَادَ) أَيْ قَارَبَ (بَعْضُهُمْ يُوَسْوِسُ) أَيْ يَقَعُ فِي الْوَسْوَسَةِ بِأَنْ يَقَعَ فِي نَفْسِهِ انْقِضَاءُ هَذَا الدِّينِ، وَانْقِضَاءُ نُورِ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ بِمَوْتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَخُطُورِ هَذَا بِالنُّفُوسِ الْكَامِلَةِ مُهْلِكٌ لَهَا حَتَّى يَتَغَيَّرَ حَالُهُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست