responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 129
تَنْفِرُ، وَتَشْرُدُ (إِلَى هَذِهِ) أَيِ الْقِطْعَةِ (مَرَّةً، وَإِلَى هَذِهِ) أَيِ الْقِطْعَةِ الْأُخْرَى (مَرَّةً) أُخْرَى؛ لِيَضْرِبَهَا فَحْلُهَا، فَلَا ثَبَاتَ لَهَا عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ أَسِيرَةُ شَهْوَتِهَا، وَهُوَ تَشْبِيهٌ مُرَكَّبٌ مَحْسُوسٌ بِمَعْنًى مَعْقُولٍ تَقْرِيبًا إِلَى فَهْمِ الْمُخَاطَبِ، فَشَبَّهَ تَرَدُّدَهُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ أَيِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ تَبَعًا لِهَوَاهُ وَمُرَادَاتِهِ، وَقَصْدًا إِلَى شَهَوَاتِهِ - بِتَرَدُّدِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ عَلَى حَالٍ، وَبِذَلِكَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} [النساء: 143] . (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَكَذَا أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَزَادَ: لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا تَتْبَعُ.

الْفَصْلُ الثَّانِي
58 - «عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ: نَبِيٌّ، إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ لَكَانَ لَهُ أَرْبَعُ أَعْيُنٍ. فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلَا تُوَلُّوا لِلْفِرَارِ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً - الْيَهُودَ - أَنْ لَا تَعْتَدُوا فِي السَّبْتِ ". قَالَ: فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ. قَالَ: " فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبَعُونِي؟ ". قَالَا: إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
الْفَصْلُ الثَّانِي
58 - (عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ) بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الثَّانِيَةِ، هُوَ الْمُرَادِيُّ، وَسَكَنَ الْكُوفَةَ، وَحَدِيثُهُ فِيهِمْ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ) أَيْ أَحَدٌ مِنَ الْيَهُودِ (لِصَاحِبِهِ) مِنَ الْيَهُودِ (اذْهَبْ بِنَا) الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ أَوِ التَّعْدِيَةِ (إِلَى هَذَا النَّبِيِّ) أَيْ لِنَسْأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ (فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ) أَيْ لَهُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ (نَبِيٌّ) أَيْ هُوَ نَبِيٌّ (إِنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ لِأَنَّ النَّبِيَّ (لَوْ سَمِعَكَ) أَيْ سُمِعَ قَوْلُكَ إِلَى هَذَا النَّبِيِّ (لَكَانَ لَهُ أَرْبَعُ أَعْيُنٍ) أَيْ يَسُرُّ بِقَوْلِكَ هَذَا النَّبِيَّ سُرُورًا يَمُدُّ الْبَاصِرَةَ فَيَزْدَادُ بِهِ نُورًا عَلَى نُورٍ، كَذِي عَيْنَيْنِ أَصْبَحَ يُبْصِرُ بِأَرْبَعٍ، فَإِنَّ الْفَرَحَ يَمُدُّ الْبَاصِرَةَ، كَمَا أَنَّ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ يُخِلُّ بِهَا؛ وَلِذَا يُقَالُ لِمَنْ أَحَاطَتْ بِهِ الْهُمُومُ: أَظْلَمَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا (فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَاهُ) أَيِ امْتِحَانًا (عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) أَيْ وَاضِحَاتٍ، وَالْآيَةُ: الْعَلَامَةُ الظَّاهِرَةُ، تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَحْسُوسَاتِ كَعَلَامَةِ الطَّرِيقِ، وَالْمَعْقُولَاتِ كَالْحُكْمِ الْوَاضِحِ وَالْمَسْأَلَةِ الْوَاضِحَةِ، فَيُقَالُ لِكُلِّ مَا تَتَفَاوَتُ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ بِحَسَبِ التَّفَكُّرِ فِيهِ وَالتَّأَمُّلِ، وَحَسَبِ مَنَازِلِ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ: آيَةٌ وَلِلْمُعْجِزَةِ آيَةٌ، وَلِكُلِّ جُمْلَةٍ دَالَّةٍ عَلَى حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ آيَةٌ، وَلِكُلِّ كَلَامٍ مُنْفَصِلٍ بِفَصْلٍ لَفْظِيٍّ آيَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ هَاهُنَا إِمَّا الْمُعْجِزَاتُ التِّسْعُ وَهِيَ: الْعَصَا، وَالْيَدُ، وَالطُّوفَانُ، وَالْجَرَادُ، وَالْقُمَّلُ، وَالضَّفَادِعُ، وَالدَّمُ، وَالسُّنُونُ، وَنَقْصٌ مِنَ الثَّمَرَاتِ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: لَا تُشْرِكُوا، كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ ذَكَرَهُ عَقِيبَ الْجَوَابِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّاوِي الْجَوَابَ اسْتِغْنَاءً بِمَا فِي الْقُرْآنِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُمَا سَأَلَاهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ يَعْنِي: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْعَامَّةُ الشَّامِلَةُ لِلْمِلَلِ الثَّابِتَةِ فِي كُلِّ الشَّرَائِعِ، وَبَيَانُهَا مَا بَعْدَهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى حَالِ مَنْ يَتَعَاطَى مُتَعَلِّقَهَا فِي الْآخِرَةِ مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ، وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً، حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ زَائِدٌ عَلَى الْجَوَابِ؛ وَلِذَا غَيَّرَ السِّيَاقَ ( «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ» ) أَيْ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ (شَيْئًا) مِنَ الْأَشْيَاءِ، أَوِ الْإِشْرَاكِ ( «وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ» ) سَبَقَ (وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ) بِهَمْزَةٍ وَإِدْغَامٍ أَيْ بِمُتَبَرِّئٍ مِنَ الْإِثْمِ. الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ لَا تَسْعَوْا، وَلَا تَتَكَلَّمُوا بِسُوءٍ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ ذَنْبٌ (إِلَى ذِي سُلْطَانٍ) أَيْ صَاحِبِ قُوَّةٍ، وَقُدْرَةٍ، وَغَلَبَةٍ، وَشَوْكَةٍ (لِيَقْتُلَهُ) يَعْنِي كَيْ لَا يَقْتُلَهُ مَثَلًا (وَلَا تَسْحَرُوا) بِفَتْحِ الْحَاءِ، فَإِنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ كُفْرٌ، وَبَعْضُهَا فِسْقٌ (وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا) فَإِنَّهُ سُحْقٌ وَمَحْقٌ (وَلَا تَقْذِفُوا) بِكَسْرِ الذَّالِ (مُحْصَنَةً) بِفَتْحِ الصَّادِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست