responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 171
تَأَدُّبًا، وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ: كِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ؛ لِأَنَّ الشَّرَّ الْمَحْضَ لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ فِي الْكَوْنِ ( «فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقَتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ» ) أَيْ: مِنَ السَّيِّئَاتِ (يَعْمَلُونَ) كَمَا سَبَقَ. وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْعَمَلِ إِشَارَةٌ لَطِيفَةٌ إِلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْجَبْرِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ ( «فَقَالَ رَجُلٌ: فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟» ) : الْفَاءُ دَخَلَ جَوَابَ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ، وَفِي: وَقَعَ مَوْقِعَ لَامِ الْفَرْضِ؛ أَيْ: إِذَا كَانَ كَمَا ذَكَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ سَبْقِ الْقَدَرِ فَفِي أَيِّ شَيْءٍ يُفِيدُ الْعَمَلُ، أَوْ بأَيِّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ الْعَمَلُ، أَوْ فَلِأَيِّ شَيْءٍ أُمِرْنَا بِالْعَمَلِ؟ يَعْنِي أَنَّهُ حَيْثُ خُلِقَ لَهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ تَغْيِيرُهُ وَتَبْدِيلُهُ؛ يَسْتَوِي عَمَلُهُ وَتَرْكُهُ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا جَبْرًا مَحْضًا مَزَجَهُ بِنَوْعٍ مِنَ الْقَدَرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَمَلِ لِيَعْتَدِلَ الْأَمْرُ الْمُسْتَقِيمُ، وَالدِّينُ الْقَوِيمُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ خَلْقِ اللَّهِ وَكَسْبِ عَبْدِهِ ( «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ» ) أَيْ: جَعَلَهُ عَامِلًا، وَوَفَّقَهُ لِلْعَمَلِ (بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) : فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَقْوِيَةِ الْجَبْرِ، وَلِذَا لَا يُذَمُّ إِلَّا مَحْضُ الْجَبْرِ ( «حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ) : إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَمَلٍ مُقَارِنٍ بِالْمَوْتِ (فَيُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ) الْإِدْخَالُ بِالْإِفْضَالِ، وَالدَّرَجَاتُ بِالْأَعْمَالِ وَالْخُلُودُ بِالنِّيَّةِ فِي الْأَحْوَالِ. ( «وَإِذَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَبْدَ لِلنَّارِ، اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلُهُ بِهِ النَّارَ» ) : الْإِدْخَالُ بِالْعَدْلِ، وَالدَّرَجَاتُ بِالْعَمَلِ، وَالْخُلُودُ بِالنِّيَّةِ، وَطُولِ الْأَمَلِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ ظَاهِرَ الْعَدْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ كَفَرَ سَبْعِينَ سَنَةً أَنْ لَا يُعَذَّبَ زِيَادَةً عَلَيْهَا، فَإِنَّ نِيَّةَ الْكَافِرِ أَنْ لَوْ عَاشَ أَبَدَ الْآبَادِ لَأَصَرَّ عَلَى كُفْرِهِ إِمَّا جَهْلًا، وَإِمَّا عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ (رَوَاهُ مَالِكٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) . وَحَسَّنَاهُ، أَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، والْآجُرِّيُّ. كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَفِي الْكَبِيرِ؛ فَلِذَلِكَ أَقُولُ: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ.

96 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، وَفِي يَدَيْهِ كِتَابَانِ، فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ؟ ". قُلْنَا: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنَا فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى: (هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ، وَقَبَائِلِهِمْ، ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ، فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا. ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي فِي شِمَالِهِ: (هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ النَّارِ، وأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ، وَقَبَائِلِهِمْ، ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ؛ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا) فَقَالَ أَصْحَابُهُ: فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: (سَدِّدُوا، وَقَارِبُوا؛ فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ) . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدَيْهِ فَنَبَذَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: (فَرَغَ رَبُّكُمْ مِنَ الْعِبَادِ {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7] » ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
96 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) : بِالْوَاوِ. (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي يَدَيْهِ) : وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَفِي يَدِهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ فَيُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ (كِتَابَانِ) : وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (فَقَالَ) : (أَتَدْرُونَ) أَيْ: أَتَعْلَمُونَ (مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ؟) : الظَّاهِرُ مِنَ الْإِشَارَةِ أَنَّهُمَا حِسِّيَّانِ، وَقِيلَ: تَمْثِيلٌ، وَاسْتِحْضَارٌ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست