responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 177
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اعْتِبَارُ إِشَارَةٍ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ وَالْآثَارَ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الْأَلْوَانِ فِي كَوْنِهَا تَحْتَ الْأَقْدَارِ غَايَتُهُ أَنَّ الْأَوْصَافَ قَابِلَةٌ لِلزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ بِحَسَبِ الطَّاعَةِ وَالْإِمْكَانِ لِمُجَاهَدَةِ الْإِنْسَانِ بِخِلَافِ الْأَلْوَانِ، وَإِنْ نَظَرْتَ إِلَى الْحَقِيقَةِ فَلَا تَبْدِيلَ، وَلَا تَغْيِيرَ لِخَلْقِ اللَّهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ» . (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ.

101 - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ، فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى. وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ، فَلِذَلِكَ أَقُولُ: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
101 - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) : بِالْوَاوِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ) أَيِ: الثَّقَلَيْنِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَا الْمَلَائِكَةَ (فِي ظُلْمَةٍ) أَيْ: كَائِنِينَ فِي ظُلْمَةِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ الْمَجْبُولَةِ بِالشَّهَوَاتِ الْمُرْدِيَةِ، وَالْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ، وَالرُّكُونِ إِلَى الْمَحْسُوسَاتِ، وَالْغَفْلَةِ عَنْ عَالَمِ الْغَيْبِ (فَأَلْقَى) أَيْ: رَشَّ (عَلَيْهِمْ) : شَيْئًا (مِنْ نُورِهِ) : فَمِنْ نُورِهِ صِفَةُ مَحْذُوفٍ أَيْ: شَيْئًا مِنْهُ، وَمِنْ لِلتَّبْيِينِ، أَوْ لِلتَّبْعِيضِ، أَوْ زَائِدَةٌ، الْمُرَادُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَالْإِيقَانِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْإِحْسَانِ ( «فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ» ) أَيْ: نُورِهِ الْمَعْنَوِيِّ الْوَاصِلِ إِلَيْهِ، وَالنُّورُ مَجْرُورٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرْفَعَ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ أَصَابَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ حَالٌ مِنْهُ؛ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ، (اهْتَدَى) أَيْ: إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ، (وَمَنْ أَخْطَأَهُ) أَيْ: ذَلِكَ النُّورَ يَعْنِي جَاوَزَهُ، وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ (ضَلَّ) أَيْ: خَرَجَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالنُّورِ الْمُلْقَى إِلَيْهِمْ مَا انْصَبَّ مِنَ الشَّوَاهِدِ وَالْحُجَجِ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْآيَاتِ وَالنُّذُرِ؛ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَبَقَوْا فِي ظُلُمَاتِ الضَّلَالَةِ فِي بَيْدَاءَ الْجَهَالَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالظُّلْمَةِ كَالْحِرْصِ، وَالْحَسَدِ، وَالْكِبْرِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ، وَبِالنُّورِ التَّوْفِيقُ، وَالْهِدَايَةُ؛ بِقَلْعِ ذَلِكَ، فَمَنْ وَفَّقَهُ لِذَلِكَ اهْتَدَى، وَمَنْ لَمْ يُوَفِّقْهُ ضَلَّ وَغَوَى، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالظُّلْمَةِ الْجَهَالَةُ، وَبِالنُّورِ الْمَعْرِفَةُ؛ يَعْنِي خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ جَاهِلِينَ بِهِ، وَبِصِفَاتِهِ فَعَرَّفَهُمْ ذَاتَهُ وَصِفَاتَهُ لِيَعْرِفُوهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ: أَنَّهُ خَلَقَ أَرْوَاحَهُمْ فِي ظُلْمَةٍ، وَحَيْرَةٍ؛ فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ نُورَ الرَّحْمَةِ وَالْهِدَايَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهِ أَحَدٌ:
لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا، وَلَا صَلَّيْنَا
قِيلَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى خَلْقِ الذَّرِّ الْمُسْتَخْرَجِ فِي الْأَزَلِ مِنْ صُلْبِ آدَمَ فَعَبَّرَ بِالنُّورِ عَنِ الْأَلْطَافِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي هِيَ تَبَاشِيرُ صُبْحِ الْهِدَايَةِ، وَإِشْرَاقُ لَمِعَاتِ بَرْقِ الْعِنَايَةِ، ثُمَّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَصَابَ، وَأَخْطَأَ) إِلَى ظُهُورِ تِلْكَ الْعِنَايَةِ فِيمَا لَا يَزَالُ مِنْ هِدَايَةِ بَعْضٍ، وَضَلَالِ بَعْضٍ، (فَلِذَلِكَ) أَيْ: وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الِاهْتِدَاءَ وَالضَّلَالَ قَدْ جَرَى؛ ( «أَقُولُ: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ» ) أَيْ: عَلَى مَا عَلِمَ اللَّهُ، وَحَكَمَ بِهِ فِي الْأَزَلِ لَا يَتَغَيَّرُ، وَلَا يَتَبَدَّلُ، وَجَفَافُ الْقَلَمِ عِبَارَةٌ عَنْهُ، وَقِيلَ مِنْ أَجْلِ عَدَمِ تَغَيُّرِ مَا جَرَى فِي الْأَزَلِ؛ تَقْدِيرُهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ وَالْكُفْرِ، وَالْمَعْصِيَةِ: أَقُولُ جَفَّ الْقَلَمُ، قِيلَ: وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ هَذَا الْمَعْنَى، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ؛ أَنْ يُقَالَ: الْإِنْسَانُ مُرَكَّبٌ مِنَ الرُّوحَانِيَّةِ الَّتِي تَقْتَضِي الْعُرُوجَ إِلَى عَالَمِ الْقُدْسِ، وَهِيَ مُسْتَعِدَّةٌ لِقَبُولِ فَيَضَانِ نُورِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّحَلِّي بِالْكَمَالَاتِ، وَمِنَ النَّفْسَانِيَّةِ الْمَائِلَةِ إِلَى ظُلُمَاتِ الشَّهَوَاتِ، وَالضَّلَالِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ مَسُوقٌ فِي الْقَدَرِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: جَفَّ الْقَلَمُ فَنَبَّهَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست