responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 242
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشَارَ بِهِ إِلَى الْإِيمَانِ فِي الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ مِنْ مَرَاتِبِ الْإِيمَانِ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُنْكِرْ بِالْقَلْبِ رَضِيَ بِالْمُنْكَرِ وَهُوَ كُفْرٌ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ الْمُصَدَّرَةُ بِلَيَسَ مَعْطُوفَةً عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا بِكَمَالِهَا كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ، أَيْ: وَرَاءَ الْجِهَادِ بِالْقَلْبِ يَعْنِي مَنْ لَمْ يُنْكِرْهُمْ بِالْقَلْبِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ جِهَادِهِمْ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ أَدْنَى مَرَاتِبِ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ لَا يَسْتَحْسِنَ الْمَعَاصِيَ وَيُنْكِرَهَا بِقَلْبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ دَائِرَةِ الْإِيمَانِ وَدَخَلَ فِيمَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَ اللَّهِ وَاعْتَقَدَ بُطْلَانَ أَحْكَامِهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

158 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا. وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
158 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الْهُدَى إِمَّا الدَّلَالَةُ الْمُوصِلَةُ أَوْ مُطْلَقُ الدَّلَالَةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يُهْدَى بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَهُوَ بِحَسَبَ التَّنْكِيرِ شَائِعٌ فِي جِنْسِ مَا يُقَالُ هُدًى أَعْظَمُهُ هُدَى مَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا، وَأَدْنَاهُ هُدَى مَنْ دَعَا إِلَى إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُ، أَيْ: لِلدَّاعِي (مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ) : فَعَمِلَ بِدَلَالَتِهِ أَوِ امْتَثَلَ أَمْرَهُ (لَا يَنْقُصُ) : بِضَمِّ الْقَافِ (ذَلِكَ) : إِشَارَةٌ إِلَى مَصْدَرِ كَانَ، كَذَا قِيلَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْأَجْرِ (مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) .
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ أَوْ تَمْيِيزٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّقْصَ يَأْتِي لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ شَيْئًا مَفْعُولٌ بِهِ أَيْ شَيْئًا مِنْ أُجُورِهِمْ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ شَيْئًا مِنَ النَّقْصِ (وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ) ، أَيْ: مَنْ أَرْشَدَ غَيْرَهُ إِلَى فِعْلِ إِثْمٍ وَإِنْ قَلَّ أَوْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَعَانَهُ عَلَيْهِ (كَانَ عَلَيْهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ [لَهُ] : فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَوْ لِلْمُشَاكَلَةِ مِنَ الْإِثْمِ (مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) .
قَالَ الْقَاضِي: أَفْعَالُ الْعِبَادِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةً لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ إِلَّا أَنَّ عَادَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ جَرَتْ بِرَبْطِهَا بِهَا ارْتِبَاطَ الْمُسَبَّبَاتِ بِالْأَسْبَابِ، وَفِعْلُ الْعَبْدِ مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي صُدُورِهِ بِوَجْهٍ، فَكَمَا يَتَرَتَّبُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ عَلَى مَا يُبَاشِرُهُ يَتَرَتَّبُ أَيْضًا عَلَى مَا هُوَ مُسَبَّبٌ عَنْ فِعْلِهِ كَالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ وَالْبَحْثِ عَلَيْهِ، وَلَمَّا كَانَتِ الْجِهَةُ الَّتِي اسْتَوْجَبَ بِهَا الْمُسَبَّبُ الْأَجْرَ غَيْرَ الْجِهَةِ الَّتِي اسْتَوْجَبَ بِهَا الْمُبَاشِرُ لَمْ يَنْقُصْ أَجْرُهُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا اهـ.
وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ بِحَسَبِ تَضَاعُفِ أَعْمَالِ أُمَّتِهِ بِمَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحَدُّ. وَكَذَا السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ السَّلَفِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلَفِ، وَكَذَا الْعُلَمَاءُ الْمُجْتَهِدُونَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَتْبَاعِهِمْ، وَبِهِ يُعْرَفُ فَضْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ - فِي كُلِّ طَبَقَةٍ وَحِينٍ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: تَنْبِيهٌ: لَوْ تَابَ الدَّاعِي لِلْإِثْمِ وَبَقِيَ الْعَمَلُ بِهِ فَهَلْ يَنْقَطِعُ إِثْمُ دَلَالَتِهِ بِتَوْبَتِهِ لِأَنَّ التَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا أَوْ لَا لِأَنَّ شَرْطَهَا رَدُّ الظُّلَامَةِ وَالْإِقْلَاعِ وَمَا دَامَ الْعَمَلُ بِدَلَالَتِهِ مَوْجُودًا فَالْفِعْلُ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ وَلَمْ يُقْلِعْ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا وَالْمُنْقَدِحُ الْآنَ الثَّانِي اهـ. وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ أَنْ نَقُولَ بِعَدَمِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، ثُمَّ رَدُّ الْمَظَالِمِ مُقَيَّدٌ بِالْمُمْكِنِ، وَإِقْلَاعُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ حَتْمًا، وَأَيْضًا اسْتِمْرَارُ ثَوَابِ الِاتِّبَاعِ مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِدَامَةِ رِضَا الْمَتْبُوعِ بِهِ، فَإِذَا تَابَ وَنَدِمَ انْقَطَعَ، كَمَا أَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى الْهُدَى إِنْ وَقَعَ فِي الرَّدَى - نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ - انْقَطَعَ ثَوَابُ الْمُتَابَعَةِ لَهُ، وَأَيْضًا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْكُفَّارِ دُعَاةً إِلَى الضَّلَالَةِ، وَقُبِلَ مِنْهُمُ الْإِسْلَامُ لِمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، فَالتَّوْبَةُ كَذَلِكَ بَلْ أَقْوَى، فَإِنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست