responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 83
عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةِ، أَيْ دُخُولًا أَوَّلِيًّا غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِنَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ (قَالَ: تَعْبُدُ اللَّهَ) خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَوْ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِتَقْدِيرِ " أَنْ "، وَلَمَّا حُذِفَتْ رُفِعَ الْفِعْلُ، وَقِيلَ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِهِ مِنَ النَّصْبِ، أَوْ تَنْزِيلًا مَنْزِلَةَ الْمَصْدَرِ بِذِكْرِ الْفِعْلِ وَإِرَادَةِ الْحَدَثِ كَمَا فِي: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: 24] ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ مَرْفُوعٌ الْمَحَلَّ بِالْخَبَرِيَّةِ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ هُوَ، يَعْنِي الْعَمَلَ الَّذِي إِذَا عَمِلْتَهُ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ هُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ. . إِلَخْ. ثُمَّ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ التَّوْحِيدُ لِلْعَطْفِ، وَالْأَصْلُ الْمُغَايَرَةُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِدُونِهَا، فَذِكْرُهُ مُغْنٍ عَنْ ذِكْرِهَا، وَقِيلَ: السَّائِلُ كَانَ مُؤْمِنًا، فَذَكَرَهُ لِشَرَفِهِ وَكَوْنِهِ أَصْلًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (وَلَا تُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا) أَيْ مِنَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ مِنَ الشِّرْكِ جَلِيًّا أَوْ خَفِيًّا، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ غَيْرَ مُشْرِكٍ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِبَادَةِ التَّوْحِيدُ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تُفِيدُ التَّأْكِيدَ، وَعَلَى الثَّانِي قِيلَ: إِنَّمَا ذَكَرَهُ رَدًّا عَلَى الْكُفَّارِ حَيْثُ قَالُوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفًى} [الزمر: 3] وَبَيَانًا إِلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَكْمُلُ إِلَّا إِذَا سَلَمَتْ مِنْ طُرُقِ الرِّيَاءِ. قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] قَالَ الْعَارِفُونَ: التَّعَبُّدُ إِمَّا لِنَيْلِ الثَّوَابِ، أَوِ التَّخَلُّصِ مِنَ الْعِقَابِ، وَهِيَ أَنْزَلُ الدَّرَجَاتِ، وَتُسَمَّى عِبَادَةٌ؛ لِأَنَّ مَعْبُودَهُ فِي الْحَقِيقَةِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ، بَلْ نَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ إِجْمَاعَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ عِبَادَتِهِ. أَوْ لِلتَّشَرُّفِ بِخِدْمَتِهِ تَعَالَى وَالِانْتِسَابِ إِلَيْهِ، وَتُسَمَّى عُبُودِيَّةٌ، وَهِيَ أَرْفَعُ مِنَ الْأُولَى، وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ خَالِصَةً لَهُ، أَوْ لِوَجْهِهِ تَعَالَى وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ شَيْءٍ آخَرَ، وَتُسَمَّى عُبُودَةٌ، وَهِيَ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ وَأَرْفَعُ الْحَالَاتِ (وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ) أَيِ الْمَفْرُوضَةَ عَلَى الْأَعْيَانِ بِشَرَائِطِهَا، وَأَرْكَانِهَا الْمَعْلُومَةِ (وَتُؤَدِّي) أَيْ تُعْطِي (الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ) : وَالتَّغَايُرُ بَيْنَهُمَا لِلتَّفَنُّنِ، وَهِيَ هُنَا لِلتَّأْكِيدِ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ مُطْلَقُ الصَّدَقَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهَا احْتِرَازِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَدَاءُ مِقْدَارِهَا الْمُعَيَّنَةِ لِمَصَارِفِهَا الْمُقَرَّرَةِ، فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ شَيْئًا، وَقِيلَ: قَصَدَ بِهِ التَّصْدِيقَ وَالْمُبَالَغَةَ وَالْقَبُولَ أَيْ قَبِلْتُ قَوْلَكَ فِيمَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَبُولًا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّؤَالِ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ الْقَبُولِ. وَهَذَا قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ النَّوَافِلِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا فَإِنَّهَا مُتَمِّمَاتٌ وَمُكَمِّلَاتٌ لِلْفَرَائِضِ، لَا زِيَادَةٌ عَلَيْهَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَجْنَاسِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا الْحَجَّ وَلَا الصَّوْمَ فِي رِوَايَةٍ، وَلَا الزَّكَاةَ فِي أُخْرَى، وَلَا الْإِيمَانَ فِي أُخْرَى، وَذَكَرَ فِي بَعْضِهَا صِلَةَ الرَّحِمِ، وَفِي بَعْضِهَا أَدَاءَ الْخُمُسِ. وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ كَالْقَاضِي عِيَاضٍ بِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ تَفَاوُتُ الرُّوَاةِ حِفْظًا وَإِتْقَانًا. (فَلَمَّا وَلَّى) أَيْ أَدْبَرَ الْأَعْرَابِيُّ وَذَهَبَ (قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ سَرَّهُ) أَيْ أَوْقَعَهُ فِي السُّرُورِ وَأَعْجَبَهُ، وَالْفَاعِلُ هُوَ (أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ) جَوَابُ الشَّرْطِ، أَوْ خَبَرٌ مُتَضَمَّنُهُ (إِلَى هَذَا) أَيْ هَذَا الرَّجُلِ؛ لِعَزْمِهِ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ، فَعَلَى مَنْ أَرَادَ اللُّحُوقَ بِهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُصَمِّمَ عَلَى مَا صَمَّمَ عَلَيْهِ؛ لِيَكُونَ مِنَ النَّاجِينَ، وَلِيُحْشَرَ مَعَ السَّابِقِينَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى الْفَرْدِ الْجِنْسِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ إِلَى الْفَرْدِ الشَّخْصِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَيَكُونُ الْعِلْمُ إِمَّا بِالْوَحْيِ أَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

15 - وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ - وَفِي رِوَايَةٍ: غَيْرَكَ - قَالَ: " قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
15 - (وَعَنْ سُفْيَانَ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ وَالضَّمُّ هُوَ الْمَشْهُورُ (ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ ابْنِ رَبِيعَةَ (الثَّقَفِيِّ) بِفَتْحَتَيْنِ، نِسْبَةً إِلَى قَبِيلَةِ ثَقِيفٍ، يُكْنَى أَبَا عَمْرٍو، وَقِيلَ أَبَا عَمْرَةَ، يُعَدُّ فِي أَهْلِ الطَّائِفِ لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى الطَّائِفِ، مَرْوِيَّاتُهُ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ (قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ) أَيْ فِيمَا يَكْمُلُ بِهِ الْإِسْلَامُ، وَيُرَاعَى بِهِ حُقُوقُهُ، وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَوَابِعِهِ، وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: فِي مَبَادِئِ الْإِسْلَامِ وَغَايَاتِهِ (قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست