responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 85
دُونَ الِاسْتِقَامَةِ فِي السَّيْرِ فِي اللَّهِ الْمَأْمُورِ بِهَا نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود: 112] ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِي مَقَامِ جَمْعِ الْجَمْعِ، وَالْبَقَاءِ بَعْدَ الْفَنَاءِ، وَالْأُولَى لِلْمُرِيدِينَ، وَالثَّانِيَةُ لِلْمُتَوَسِّطِينَ. وَاسْتِقَامَةُ الرُّوحِ وَهِيَ الثَّبَاتُ عَلَى الْحَقِّ وَالسِّرِّ، وَهِيَ الثَّبَاتُ عَلَى الْحَقِيقَةِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: الِاسْتِقَامَةُ دَرَجَةٌ بِهَا كَمَالُ الْأُمُورِ وَتَمَامُهَا، وَبِوُجُودِهَا حُصُولُ الْخَيْرَاتِ وَنِظَامُهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِيمًا ضَاعَ سَعْيُهُ، وَخَابَ جَهْدُهُ، وَأَنْشَدَ:
إِذَا أَفْشَيْتَ سِرَّكَ ضِيقَ صَدْرٍ ... أَصَابَتْكَ الْمَلَامَةُ وَالنَّدَامَةُ
وَإِنْ أَخْلَصْتَ يَوْمًا فِي فِعَالٍ ... تَنَالُ جَزَاءَهُ بِالِاسْتِقَامَةِ
وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا وُفِّقْتَ بِالتَّوْحِيدِ وَرُؤْيَةِ جَلَالِ قِدَمِهِ فَدُرْ مَعَ الْحَقِّ حَيْثُ دَارَ، إِمَّا قَضَاءً وَإِمَّا رِضَاءً، وَلَا تَنْزِلْ عَنْ مَقَامِ الرِّضَا إِلَى فَتْرَةِ النَّفْسِ وَالْهَوَى، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لِعِزَّةِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاحْتِيَاجِ إِلَيْهَا فِي كُلِّ حَالَةٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلدُّعَاءَ بِالِاسْتِقَامَةِ أَمْرَ وُجُوبٍ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الِاسْتِقَامَةَ الشَّامِلَةُ بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ثُمَّ قَالَ: (هَذَا) » . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَزَادَ فِي الْإِحْيَاءِ: «قُلْتُ: مَا أَتَّقِي؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى لِسَانِهِ» .

16 - وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ الرَّأْسِ، نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلَا نَفَقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ". فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ فَقَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ "، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: " لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ ". قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ فَقَالَ ": لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ ". قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
16 - (وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيَّ، أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ بِالْجَنَّةِ، أَسْلَمَ قَدِيمًا، وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا غَيْرَ بَدْرٍ، وَضَرَبَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهْمَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بَعَثَهُ مَعَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ يَتَعَرَّفَانِ خَبَرَ الْعِيرِ الَّتِي كَانَتْ لِقُرَيْشٍ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، فَعَادَا يَوْمَ اللِّقَاءِ بِبَدْرٍ، وَوَقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ بِيَدِهِ فَشُلَّتْ أُصْبُعُهُ، وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ جِرَاحَةً، وَقِيلَ: كَانَتْ فِيهِ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ، وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلْحَةَ الْخَيْرِ، وَطَلْحَةَ الْجُودِ، قُتِلَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَدُفِنَ بِالْبَصْرَةِ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ) : قِيلَ: هُوَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَافِدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مُتَعَلِّقٌ بِجَاءَ (مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ) صِفَةُ رَجُلٍ، وَالنَّجْدُ فِي الْأَصْلِ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ، ضِدُّ التِّهَامَةِ، وَهُوَ الْغَوْرُ، سُمِّيَتْ بِهِ الْأَرْضُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ تِهَامَةَ أَيْ مَكَّةَ، وَبَيْنَ الْعِرَاقِ. (ثَائِرُ الرَّأْسِ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ ثَارَ الْغُبَارُ إِذَا ارْتَفَعَ وَانْتَشَرَ، أَيْ مُنْتَشِرُ شَعَرِ الرَّأْسِ غَيْرُ مُرَجِّلِهِ بِحَذْفِ الْمُضَافِ، أَوْ سُمِّيَ الشَّعَرُ رَأْسًا مَجَازًا، تَسْمِيَةً لِلْحَالِّ بِاسْمِ الْمَحَلِّ، أَوْ مُبَالَغَةً بِجَعْلِ الرَّأْسِ كَأَنَّهُ الْمُنْتَشِرُ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ رَجُلٍ لِوَصْفِهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الرِّوَايَةُ (نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ) أَيْ شِدَّتَهُ وَبُعْدَهُ فِي الْهَوَاءِ، فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ كَدَوِيِّ النَّحْلِ وَالذُّبَابِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ - وَضَمُّهُ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ - وَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَ " نَسْمَعُ " بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْيَاءِ

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 1  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست