خامسا: ما خلفه من بعده من آثار صالحة وصدقات جارية لقوله تبارك وتعالى:؟ ونكتب ما قدموا وآثارهم؟ وقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح[1] يدعو له".
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار فجاءه أقوام حفاة عراة مجتابي النمارأو العباء متقليدي السيوف وليس عليهم أزر ولا شيء غيرها عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وفي رواية: فتغير - ومعناهما واحد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وصلى الظهر ثم صعد منبرا صغيرا ثم خطب فحمد الله وأثنى عليه فقال:
أما بعد فإن الله أنزل في كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} والآية التي في الحشر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} . تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من شعيره من صاع تمره حتى قال: ولا يحقرن أحدكم شيئا من الصدقة ولو بشق تمرة فأبطؤوا حتى بان في وجهه الغضب قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة من ورق وفي [1] قيد بالصالح لأن الأجر لا يحصل من غيره وأما الوزر فلا يلحق بالوالد من سيئة ولده إذا كانت نيته في تحصيل الخير وإنما ذكر الدعاء له تحريضا على الدعاء لأبيه لا لأنه قيد لأن الأجر يحصل للوالد من ولده الصالح كلما عمل عملا صالحا سواء أدعا لأبيه أم لا كمن غرس شجرة يحصل له من أكل ثمرتها ثواب سواء أدعا له من أكلها أم لم يدع وكذلك الأم.
كذا في مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك.