responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دفاع عن الحديث النبوي نویسنده : الألباني، ناصر الدين    جلد : 1  صفحه : 1
كلمة بين يدي الرسالة
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد فبين يديك أيها القارئ الكريم بحوث علمية حديثية في نقد كتاب (فقه السيرة) للدكتور محمد سعيد البوطي الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة دمشق كان وضعه لطلاب السنة الثانية في الكلية وكنت نشرت هذا النقد في مجلة التمدن الإسلامي الغراء بحوثا متتابعة رجوت منها أن يجد الطلاب وغيرهم فيها (نموذجا صالحا للنقد العلمي النزيه القائم على البحث والالتزام للقواعد العلمية الصحيحة عسى أن يزيدهم ذلك عناية بدراسة الحديث الشريف دراسة علمية وبذلك يحيون ما كاد يندرس من هذا العلم العظيم بسبب اقتصار المدرسين والأساتذة على تدريسه دراسة نظرية محضة وإصدارهم على أساسها تأليفاتهم التي يؤلفونها لطلابهم أو لغيرهم غير مراعين فيها أبسط تلك القواعد العلمية من اختيار النصوص الصحيحة والأحاديث الثابتة من المصادر الموثوقة والمراجع المعتمدة مع العزو إليها وتخريجها تخريجا علميا دقيقا فترى أحدهم - وهو أستاذ هذه المادة: الحديث - يورد حديثا نبويا أو خبرا متعلقا بسيرته E أو أخلاقه يقول في تخريجه: (رواه أبو داود) أو (رواه ابن هشام في (السيرة) وهو يظن أنه بذلك قد أدى الأمانة العلمية المطوقة في عنقه وأنه نصح لطلابه هيهات هيهات فإن التزام المنهج العلمي المشار إليه في الدراسة الحديثية يوجب عليه قبل هذا التخريج المقتضب أن يدرس إسناد ذلك الحديث أو الخبر ويتتبع رجاله ويتعرف علله وأقوال أهل الاختصاص
[أ]

فيه ثم يحكم عليه بما تقتضيه هذه الدراسة من صحة أو ضعف ثم يقدم خلاصتها إلى طلابه مع التخريج المذكور وإلا فمثل هذا التخريج المبتور الذي جرى عليه الأستاذ المشار إليه مما لا يعجز عنه أحد من الطلاب أنفسهم إن شاء الله تعالى)
ذلك ما كنت كتبته في مقدمة رسالتي (نقد نصوص حديثية في الثقافة العامة)
(1) للشيخ محمد منتصر الكتاني وهو ينطبق على الدكتور البوطي تمام الانطباق بل إن هذا زاد على الشيخ فادعى لكتابه (فقه السيرة) من الصحة ما ليس له كما كنت أشرت إلى ذلك في التعليق على المقدمة المذكورة فقلت ما نصه:
(ثم وقفت على كتاب (فقه السيرة) للأستاذ الفاضل الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي فرأيته نحا فيه نحو الأستاذ الكتاني فأورد فيه كثيرا من الأحاديث الضعيفة والمنكرة بل وما لا أصل له البتة ولكنه زاد عليه فنص في المقدمة أنه اعتمد فيه على ما صح من الأحاديث والأخبار ولكن دراستي للكتاب بينت أنها دعوى مجردة وأن جل اعتماده كان على كتاب فضيلة الشيخ محمد الغزالي: (فقه السيرة) الذي لم يقتصر الدكتور على أن يأخذ اسمه فقط بل زاد عليه فاستفاد منه كثيرا من بحوثه ونصوصه بل وعناوينه كما استفاد من تخريجي إياه المطبوع معه مع اختصار له مخل ليستر بذلك ما قد فعل وقد انتقدني في ثلاث مواطن منه تمنيت - يشهد الله - أن يكون مصيبا ولو في واحد منها ولكنه على العكس من ذلك فقد كشف بذلك كله أن هذه الشهادات العالية وما يسمونه ب (الدكتوراه) لا تعطي لصاحبها علما وتحقيقا وأدبا وإني لأرجو أن تتاح لي الفرصة لأتمكن من بيان هذا الإجمال والله المستعان)

(1) نشرت أولا في مجلة التمدن الإسلامي الغراء (مجلد 33 و 34) ثم أفردت في رسالة وذلك قبل عشر سنين
[ب]
ثم أتيحت لي الفرصة فبينت الإجمال المشار إليه في هذه الرسالة التي يعود الفضل الأول في نشرها للسادة القائمين على مجلة التمدن الإسلامي الغراء وبخاصة منهم الأستاذ أحمد مظهر العظمة شفاه الله وقواه فقد نشرت فيها تباعا في مقالات متسلسلة من العدد (7 - مجلد 42 - 2 - مجلد 44) ثم أفردتها في هذه الرسالة ليعم النفع بها ويطلع عليها من لم يتمكن من متابعتها في المجلة الغراء
هذا وقد نمي إلي أن بعض الأساتذة رأى في ردي هذا على الدكتور شيئا من الشدة والقسوة في بعض الأحيان مما لا يعهدون مثله في سائر كتاباتي وردودي العلمية وتمنوا أنه لو كان ردا علميا محضا
فأقول: إنني أعتقد اعتقادا جازما أنني لم أفعل إلا ما يجوز لي شرعا وأنه لا سبيل لمنصف إلى انتقادنا كيف والله D يقول في كتابه الكريم في وصف عباده المؤمنين: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ... وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ... ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ... إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ... ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} فإن كل من يتتبع ما يكتبه الدكتور البوطي في كتبه ورسائله ويتحدث به في خطبه ومجالسه يجده لا يفتأ يتهجم فيها على السلفيين عامة وعلي من دونهم خاصة ويشهر بهم بين العامة والغوغاء ويرميهم بالجهل والضلال وبالتبله والجنون ويلقبهم ب (السلفيين) و (السخفيين) وليس هذا فقط بل هو يحاول أن يثير الحكام ضدهم برميه إياهم بأنهم عملاء للاستعمار. إلى غير ذلك من الأكاذيب والترهات التي سجلها عليه الأستاذ محمد عيد عباسي في كتابه القيم (بدعة التعصب المذهبي) (ص 274 - 300) وغيرها داعما ذلك بذكر الكتاب والصفحة التي جاءت فيها هذه الأكاذيب
ومن طاماته وافتراءاته قوله في (فقه السيرة) (ص 354 - الطبعة الثالثة) بعد أن نبزهم بلقب الوهابية: (ضل أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله
[ج]
A وراحوا يستنكرون التوسل بذاته A بعد وفاته) . وهذا كأنه اجترار من الدكتور لفرية ذلك المتعصب الجائر: (إن هؤلاء الوهابيين تتقزز نفوسهم أو تشمئز حينما يذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم)
والدكتور حين يلفظ هذه الفرية يتذكر أن الواقع - الذي هو على علم به - يكذبها فإن السلفيين وأمثالهم بفضل الله تعالى - من بين المسلمين جميعا - شعارهم اتباعهم للنبي A وحده دون سواه وهو الدليل القاطع على حبهم الخالص له الذي لازمه حبهم لله D كما قال: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} . ولعلم الدكتور بهذا الفضل الإلهي على السلفيين حمله حقده عليهم أن يحاول إبطال دلالة الآية المذكورة على ما سلف بل وعلى تضليل السلفيين مجددا لفهمهم إياها هذا الفهم الواضح وأنها تعني أن الاتباع دليل المحبة وأنها لا تنفك عنه فقال (ص 195 - الطبعة الثالثة) : (ولقد ضل قوم حسبوا أن محبة رسول الله A ليس لها معنى إلا الاتباع والاقتداء وفاتهم أن الاقتداء لا يأتي إلا بوازع ودافع ولن تجد من وازع يحمل على الاتباع إلا المحبة القلبية. . .)
وأقول: إن الذي ضل إنما هو الذي يناقض نفسه بنفسه من جهة فأول كلامه ينقض آخره لأنه إذا كان لا يحمل على الاتباع إلا المحبة القلبية وهو كذلك وهو الذي نعتقده ونعمل به فكيف يتفق هذا مع أول كلامه الصريح في أن المحبة لها معنى غير الاتباع؟ ولو كان الأمر كذلك وثبت الدكتور عليه لأبطل دلالة الآية والعياذ بالله تعالى
ومن جهة أخرى فقد افترى علينا بقوله: (وفاتهم أن الاقتداء. . .) الخ
فلم يفتنا ذلك مطلقا بحمد الله بل نعلم علم اليقين أنه كلما ازداد المسلم اتباعا للنبي A ازداد حبا له وأنه كلما ازداد حبا له ازداد اتباعا له A فهما أمران
[د]
متلازمان كالإيمان والعمل الصالح تماما
فهذا الحب الصادق المقرون بالاتباع الخالص للنبي A هو الذي أراد الدكتور أن ينفيه عن السلفيين بفريته السابقة فالله تعالى حسيبه {وكفى بالله حسيبا}
ذلك قليل من كثير من افتراءات الدكتور البوطي وترهاته الذي أشفق عليه ذلك البعض أن قسونا عليه أحيانا في الرد ولعله قد تبين لهم أننا كنا معذورين في ذلك وأننا لم نستوف حقنا منه بعد {وجزاء سيئة سيئة مثلها} ولكن لن نستطيع الاستيفاء لأن الافتراء لا يجوز مقابلته بمثله وكل الذي صنعته أنني بينت جهله في هذا العلم وتطفله عليه ومخالفته للعلماء وافتراءه عليهم وعلى الأبرياء بصورة رهيبة لا تكاد تصدق فمن شاء أن يأخذ فكرة سريعة عن ذلك فليرجع إلى فهرس الرسالة هذه ير العجب العجاب
هذا وهناك سبب أقوى استوجب القسوة المذكورة في الرد ينبغي على ذلك البعض المشفق على الدكتور أن يدركه ألا وهو جلالة الموضوع وخطورته الذي خاض فيه الدكتور بغير علم مع التبجح والادعاء الفارغ الذي لم يسبق إليه فصحح أحاديث وأخبارا كثيرة لم يقل بصحتها أحد وضعف أحاديث أخرى تعصبا للمذهب وهي ثابتة عند أهل العلم بهذا الفن والمشرب مع جهله التام بمصطلح الحديث وتراجم رواته وإعراضه عن الاستفادة من أهل العلم العارفين به ففتح بذلك بابا خطيرا أمام الجهال وأهل الأهواء أن يصححوا من الأحاديث ما شاءوا ويضعفوا ما أرادوا (ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)
وسبحان الله العظيم إن الدكتور ما يفتأ يتهم السلفيين في جملة ما يتهمهم به بأنهم يجتهدون في الفقه وإن لم يكونوا أهلا لذلك فإذا به يقع فيما هو شر مما اتهمهم به تحقيقا منه للأثر السائر: (من حفر بئرا لأخيه وقع فيه) أم أن
[هـ]
الدكتور يرى أن الاجتهاد في علم الحديث من غير المجتهد بل من جاهل يجوز وإن كان هذا العلم يقوم عليه الفقه كله أو جله
من أجل ذلك فإني أرى من الواجب على أولئك المشفقين على الدكتور أن ينصحوه (والدين النصيحة) بأن يتراجع عن كل جهالاته وافتراءاته وأن يمسك قلمه ولسانه عن الخوض في مثلها مرة أخرى عملا بقول نبينا محمد A: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل: كيف أنصره ظالما؟ قال: تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره) . أخرجه البخاري من حديث أنس ومسلم من حديث جابر وهو مخرج في (الإرواء) (2515)
فإن استجاب الدكتور فذلك ما نرجو و (عفا الله عما سلف) وإن كانت الأخرى فلا يلومن إلا نفسه والعاقبة للمتقين وصدق الله العظيم إذ يقول: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ... يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار}
وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
دمشق في 27 جمادى الآخرة سنة 1397 هـ
محمد ناصر الدين الألباني
[و]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فهذه تعليقات سريعة على أحاديث كتاب (فقه السيرة) تأليف الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في جزأين طبع دار الفكر الحديث في لبنان. قال في المقدمة: (وبعد فهذه أبحاث في فقه السيرة النبوية كنت ألقيتها محاضرات على طلاب السنة الأولى - والثانية - بكلية الشريعة في جامعة دمشق)
أقول: لقد كان من أقوى الحوافز على دراسة هذا الكتاب - مع ضيق الوقت - وضعف الرغبة في قراءة مؤلفات المعاصرين - أنني رأيت مؤلفه الفاضل يقول في مقدمة الجزء الثاني منه (ص 3) : (ولقد سلكت فيه الطريقة التي سلكتها في الجزء الأول فأفردت أبحاث السيرة على شكل نصوص اعتمدت فيها أولا على صحاح السنة ثانيا على ما صح من أخبار السيرة في كتبها وأهم ما اعتمدت عليه من ذلك سيرة ابن هشام وطبقات ابن سعد)
فلما قرأت هذا استبشرت خيرا وقلت في نفسي: إذا صدق الخبر الخبر فلا شك أن الدكتور بكتابه هذا يكون قد طرق بابا جديدا من التأليف في سيرة النبي A وهو اختيار الروايات التي صحت فيها من كتب الحديث والسيرة ولازمه الإعراض عن ذكر ما لم يصح منها على طريقة علماء الحديث ونقاده
وهذا أمر هام جدا فإن ما ألف في السيرة النبوية الكريمة حتى الآن يعد بالألوف
[1]
كما قال العلامة السيد سليمان الندوي في كتابه القيم (الرسالة المحمدية) (1) (ص 65) ومع ذلك فإني لا أعلم في كل ما ألف من ذلك من نحا هذا المنحى من الاختيار الذي ذكر فضيلة الدكتور أنه سلكه في هذا الكتاب ولطالما راودتني نفسي أن أسلك هذا السبيل فأضع كتابا جامعا تحت عنوان (صحيح السيرة النبوية) على نحو ما جريت عليه في (صحيح سنن أبي داود) وغيره مما أنا في سبيله الآن ولكن الفرصة لم تسنح لي حتى هذه الساعة للقيام بمثل هذا الواجب فلما قرأت عبارة الدكتور السابقة ظننت أنه قد قام بالواجب وتحقق الرجاء
وكيف لا يكون ذلك واجبا وسيرته A إنما هي (صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة كي يجعل منها دستورا يتمسك به ويسير عليه ولا ريب أنه مهما بحث عن مثل أعلى في ناحية من نواحي الحياة فإنه واجد كله في حياة رسول الله A على أعظم ما يكون الوضوح والكمال
ولذا جعله الله قدوة للإنسانية كلها فقال: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} - الأحزاب 21) كما قال الدكتور في مقدمة كتابه (ص 7 - 8)
ولكن هل استطاع الدكتور أن يحقق الرجاء أو على الأقل أن يحصر اعتماده فيما نقله من النصوص على ما صح منها في كتب السيرة ودواوين السنة التي سماها (صحاح السنة) ؟ ذلك ما أريد أن أبسط الكلام فيه الآن في هذه العجالة راجيا المولى سبحانه وتعالى أن يسدد خطانا ويلهمنا الصواب والإخلاص في أقوالنا وأفعالنا
دفاع عن الحديث النبوي والسيرة
تأليف الشيخ المحدث العلامة
محمد ناصر الدين الألباني - C
نام کتاب : دفاع عن الحديث النبوي نویسنده : الألباني، ناصر الدين    جلد : 1  صفحه : 1
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست