خامسها: أن ابن الأثير (ت 606هـ) في مقدّمة (جامع الأصول) ، وهو الذي لا يكاد يخرج عن كلام الحاكم والخطيب، بل قد نصّ على كتاب الحاكم ضمن مصادره في مقدّمة كتابه (1) = يقول أيضًا في تعريفه المسند: ((أن يرويه المحدّث عن شيخ يظهر سماعه منه والسنّ يحتمله. . .)) (2) .
سادسها: أن الحاكم قد نصَّ على مذهب مسلم، ونقل عليه الإجماع، في مبحث الحديث المعنعن، كما سبق. فكيف يأتي بعد ذلك لينصّ على خلافه؟! بل وتطبيق الحاكم على مذهب مسلم (كما يأتي) ، فأنّى نقبل أن يكون على خلافه؟!!
وأخيرًا: لو افترضنا أن عبارة الحاكم كانت كما أراد ابنُ رشيد: ((ليس يحتمله)) ، فلمسلم أن يقول: إن الحديث المعنعن بشروطي التي ذكرتها يظهر سماع رواته من بعضهم، وليس السماع فيه مجرّدَ احتمال. فهذه هي حقيقة مذهب مسلم: أنه يرى الاتّصالَ (الذي هو السماع) يثبت بشروطه التي ذكرها، كما سبق أو أوضحنا (3) .
ألا ترى عبارة أبي عَمرو الداني، التي ذكرناها آنفًا، والتي يعترف ابن رشيد (كما يأتي) أنها عبارةٌ تؤيد مذهب مسلم، كيف قدَّمها الداني بقوله: ((الذي لا إشكال في اتّصاله)) ، مع أنه على مذهب مسلم؟!!
وبعد هذا كُلّه، تتوارد الأدلّة على بيان مذهب الحاكم الذي نقل عليه الإجماع، وهو مذهب مسلمٍ الذي نقل عليه الإجماعَ أيضًا، وذلك
(1) جامع الأصول (1/ 69) .
(2) جامع الأصول (1/ 107) .
(3) انظر ما سبق (27) .