فهذا الإمام أبوبكر الصيرفي (ت 330هـ) شارحُ (الرسالة) للشافعي، بينما ينقل عنه ابنُ رجب الحنبلي أنه يشترط العلم بالسماع (1) ، ينقل عنه غيرُه خلافَ ذلك، فنقل العلائي (2) وابنُ رُشَيد (3) (كلاهما) عن الصيرفي أنه على مذهب مسلم. وقد وجدتُ عبارةً طويلةً للصيرفي تؤيّد مذهب مسلم، نقلها عنه الزركشي في (البحر المحيط) (4) .
وبذلك تعلم مقدارَ ما استولت نسبةُ ذلك الشرط إلى البخاري على أذهان بعض أهلِ العلم، حتى ربما فُهمت العبارة الواحدة أكثر من فهم، ونُسب إلى الإمام الواحد أكثر من مذهب!!
فالتجرُّدُ في دراسة هذه المسألة، وهَجْرُ المألوفات العلميّة، وتَرْكُ ما يُظَنّ أنها مُسَلَّماتٌ ثوابت دون أن يكون لها من ذلك نصيب، وعَرْضُ كُلِّ قولٍ على مُسْتَنَدِهِ ودليله، فما قام به مُسْتَنَدُه قُبِل، وما أيّده الدليلُ نُصر، وما لم.. رُدَّ وهُجِر= هذا هو السبيل الوحيد لمن كَرِهَ الخطأ، وأَنِف من مَعَرَّةِ الجهل، وأَحبَّ الصواب، ورغب في زينة العلم.
(1) شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 586) .
(2) جامع التحصيل (117) .
(3) السنن الأبين (70) .
(4) البحر المحيط للزركشي (4/ 311) .