خفي عليهما من هذا الأصل العظيم ما كان خفي على مسلم من قبل!!! وخفي عليهما أنهما مخالفان لإجماع العلماء أيضًا!!!
الثالث: أن مسلمًا انتهى من تصنيف كتابه سنة (250هـ) تقريبًا، كما يميل إليه بعض الباحثين (1) .
ويعني ذلك أن مسلمًا عاش بعد انتهائه منه أحدَ عشر عامًا، كان خلالها يروي كتابَه، ويسمعه منه الجَمُّ الغفير، إلى أن سمعه منه تلميذه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان (ت 308هـ) ، منتهيًا من قراءته عليه سنة (257هـ) (2) .
وهو خلال هذه السنوات يقرأ الصحيح بنقل ذلك الإجماع الذي فيه، مجابهًا بذلك أهلَ عصره، دون نكير من أحد، ولا يُنبَّه مسلمٌ إلى خطئه الكبير بمخالفة المحققين والجماهير فيما ادّعى عليه الإجماع؟!!
أم أنه بُيِّنَ له خطؤه، وردَّ عليه أهلُ عصره، لكن لم يبلغنا من ذلك شيءٌ البتّة، والأهمّ أن مسلمًا أصرَّ مستكبرًا على رأيه. . لا بل على نقله للإجماع؟!!
أجيبوني بأحد هذه الاحتمالات التي أحسنها ما لا يُمكن أن يُقبل.
فإن قيل: لعل مسلمًا لم يكتب مقدّمة صحيحه إلا متأخّرًا؟!
فأقول: ما أسمج هذا الاحتمال!!!
(1) الموقظة للذهبي -تتمّات أبي غدة في آخرها- (138- 140) ، والإمام مسلم ومنهجه في صحيحه للدكتور محمد الطوالبة (105- 106) ، والإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح لمشهور حسن سلمان (1/ 356- 357) .
(2) الإمام مسلم ومنهجه لمشهور حسن سلمان (1/ 358) .