وأخرج البخاري حديث سليمان بن يسار عن رافع بن خديج (رقم 2346) .
فالبخاري يصحح هذه الأسانيد الستة كلَّها، مع أن مسلمًا أورد هذه الأسانيد ليضرب بها مثالاً على الأحاديث التي يضعّفها خصمُه، وهي صحيحة عند غيره من العلماء الذين لا يشترطون شرطَه.
فهل يُمكن أن يكون مسلم يُحَاجُّ البخاريَّ بذلك؟ والبخاري لا يخالفه في تصحيح ما صحّح. أو بعبارة أدق: والبخاري يُصحِّحُ ما يضعفه خصمُ مسلم!
نخرج من هذا بأمرين:
الأول: أن مسلمًا لم يقصد البخاري يقينًا.
الثاني: أن البخاري من ذوي المعرفة بالأخبار والروايات، ممن لم يلتمسوا في تلك الأسانيد سماع بعض الرواة من بعض (على حد تعبير مسلم) .
وهنا أذكّر بما استملحه بعضُ أهل العلم من التعقّب على مسلم في بعض الأسانيد التي ذكرها، بوقوفهم على تصريحٍ لبعض الرواة بالسماع من بعض، وأن من تلك الأسانيد ما وقع التصريح بالسماع لرواتها في صحيح مسلم نفسه. وأخذوا ذلك على مسلم، واستغربوه منه.
وهذا لا أثر له في مسألتنا، التي هي: التثبت من نسبة اشتراط العلم باللقاء إلى البخاري، لأنّ ذلك التعقّب لا علاقة له بتصحيح النسبة أو ردّها.