فقال الكوثري ص 88: «فلا أشك أن - الدين - مصحف من أرى» وذهب يوجه احتمال العادة لمثل ذلك. وهذا موضع الاعتبار، بينما ترى الكوثري يصنع ما تقدم في الأمثلة فيغض النظر عن التصحيف الواضح والخطأ المكشوف إذا به يحاول دعوى التصحيف التي لا يشك في بطلانها، ولا عجب في ذلك إذ مغزى الكوثري إنما هو الانتصار لهواه، وقد تقدمت أن لتلك الكلمة المنقولة عن أبي حنيفة تأويلاً قريبا بدون دعوى التصحيف ولا التحريف، وستجده في (التنكيل) إن شاء الله.
-4-
ومن غرائبه تحريف نصوص أئمة الجرح والتعديل، تجيء عن أحدهم الكلمة فيها غض من الراوي بما لا يضره أو بما فيه تليين خفيف لا يعد جرحاً فيحتاج الكوثري إلى الطعن فيمن قيلت فيه فيحكيها بلفظ آخر يفيد الجرح، فمن أمثلة ذلك:
1- إبراهيم بن سعيد الجوهري، هو من شيوخ مسلم في (صحيحه) ومن كبار الحفاظ، قال فيه أحمد بن حنبل -كثير الكتاب، كتب فأكثر) وقال الكوثري نفسه ص 151: «كان إبراهيم بن سعيد الجوهري يقول: كل حديث لم يكن عندي من مائة وجه فأنا فيه يتيم» وتجد الحكاية بتمامها في ترجمة إبراهيم من
(الميزان) .
وكان من عادة المكثرين أن يترددوا إلى كبار الشيوخ ليسمعوا منهم، فربما جاء أحدهم إلى شيخ قد سمع منه ما لم يسمعه من قبل، فيتفق أن يشرع الشيخ يحدث بجزء قد كان ذاك المكثر سمعه منه قبل ذلك فلا يعتني باستماعه ثانياً أو ثالثاً لأنه يرى ذلك تحصيل حاصل فكأنه اتفق لإبراهيم هذا واقعة من هذا القبيل، فحكى عبد الرحمن ابن خراش قال: «سمعت حجاج بن الشاعر يقول: رأيت إبراهيم بن سعيد عند أبي نعيم وأبو نعيم يقرأ وهو نائم -وكان الحجاج يقع فيه» .
وسيأتي إيضاح الجواب في ترجمة إبراهيم من (التنكيل) .
والمقصود هنا أن الكوثري ذكر تلك المقالة فحرفها تحريفاً قبيحاً. قال (ص 75) :